سحر نجمة داود
كتب: منة الله عامر
كثيرًا ما
نشاهد في الأفلام الأجنبية وخاصة الرعب منها نجمة لها خمس أضلع وأخرى لها ستة أضلع
ونربطها مُباشرة باليهود ونطلق عليها
"نجمة داود" والبعض يطلق عليها النجمة السداسية، ولكن ما هي تلك النجمة
التى بدأت تنتشر في الأفلام بشكل مثير، وهل بالفعل لها علاقة بالسحر وأمور الشعوذة
كما يظهر في تلك الأفلام؟ وهل ترتبط بالديانة اليهودية؟ في التقرير التالي سنتعرف على
سحر تلك النجمة.
نجفة من معبد بوابة السماء على صورة نجمة سداسة، بمصر |
"حضارة الشرق الأدنى القديم"
هُناك نجمتان إحداهما شكل لنجمة خُماسية وتشير إلى
"خاتم سُليمان"، والثانية نجمة سداسية تشير إلى الدرع الملكى في بيت داود،
وقد ظهر الشكلان على التمائم وقبور شعوب الشرق الأدنى القديم، حملت تلك النجمة مغزى
سحري حيث كانت تستخدم للوقاية من الحسد والعين الشريرة وكأداة للزينة وانتشر هذا الرمز
قديمًا في فلسطين والهند وبابل ومصر.
اعتاد السادة والنبلاء من سكان الشرق الأدنى القديم
الحفر والنقش على الجدران الداخلية والخارجية لمعابدهم ومنازلهم كنوع من الكبرياء والعظمة
من ناحية و كرمز للسحر والخيال من ناحية أخرى، حيث كانوا يعتقون أن تلك الرموز تجلب
السحر والحظ وتبعد الحسد وتقي من العين الشريرة، ونقشها أيضًا النحات المصري على المقابر
والمعابد، وانتشرت هذه الأشكال الهندسية بين ربوع حضارات الشرق الأدنى القديم فتأثر
بها اليهود بعد ذلك.
"نجمة داود"
تسمى بالعبرية "מָגֵן דָוִד"، وماجين تعنى "القوة، الملجأ، الحماية"،
والفعل "מגן" يأتى بمعنى "حَمَيَ – دافع عن"، إذا فعبارة "מָגֵן דָוִד" معناها الحرفي "درع داود"، استخدمَ
هذا الإصطلاح في بداية الأمر للإشارة إلى الخالق، ثم بعد هذا للإشارة إلى النجمة السداسية،
أصل هذا الرمز غامض، إذ أنه لا توجد أيه إشارة لهذا الشكل الهندسي سواء في العهد القديم
أو في التلمود.
الملاحظ أن كلمة "ماجين" قد وردت في فقرات
العهد القديم، للدلالة على الخالق في قوته وعظمته ولم تأتِ مُقترنة بالاسم "دافيد"
إلا في الفقرات التى كانت تصف بها زمن الملك داود ومملكته القوية في سفر أخبارالأيام.
أما بالنسبة للنجمة السداسية التى أخذت في الشيوع
والانتشار في القرن التاسع عشر الميلادى، فقد وجدت مرسومة على بعض المعابد اليهودية
في القرن الثالث، وظهرت في بداية الأمر كرمز في الكتابات الصوفية والسحرية، واكتشف
في فلسطين شكل "نجمة داود" ذات الأضلاع الستة على حجر بناء "مجيدو"،
وشكل "خاتم سليمان" ذي الأضلاع الخمسة على مقبض جرة يرجع إلى عصر ما قبل
"الحشمونائيم".
ذكر اسم
"ماجين دافيد" لأول مرة في مؤلف يُسمى "إشكول هاكوفير" (عنقود
الكافر) لليهودي القرائى "يهودا هاوس" في منتصف القرن الرابع عشر.
منذ القرن الحادي عشر أخذ تعبير "نجمة داود"
في الانتشار، وفي نفس الفترة أخذ أتباع "شبتاى تسفي" نجمة داود كرمز مسيحاني،
أملًا في الخلاص والعودة لأرض الميعاد مع قدوم المسيح المخلص، ومن المحتمل أن هذا الاستخدام
قد شاع وسط طوائف يهودية كثيرة في النمسا.
نجمة سداسية تُزين سقف المعبد، معبد بوابة السماء في شارع عدلي، وسط البلد، مصر |
لم تتخذ نجمة داود كشعار أو رمز لليهود ككل حتى القرن
السادس عشر، ظهرت نجمة داود عام 1656 م؛ لتميز بين المدينة اليهودية والمدينة النصرانية
على حجر الحدود الذى أقيم في فينا، بوضع نجمة داود على الجانب اليهودي، ووضع الصليب
على الجانب المسيحي، وبعد عملية الترحيل من فينا عام 1700 م، حمل هؤلاء اليهود رمز
نجمة داود إلى مختلف الدول، ومنذ ذلك الحين انتشرت النجمة؛ لتميز اليهود عن غيرهم،
ففي ألمانيا طبعت صورة نجمة داود على الأوراق المالية التى طبعها النازيون في
"الجيتو"، وألزمت السلطات الأمانية اليهود في ذلك الوقت بوضع نجمة داود على
ملابسهم فوق صدورهم وبداخلها كلمة يهودى بلغات متعددة كى تكون دليلًا على شعورهم بالخجل
ولتمييزهم عن الشعب الألمانى.
أدى انتشار نجمة داود إلى إعلان رؤساء الحركة الصهيونية
عنها سنة 1897 م، كرمز أساس في علم الحركة، والذى أصبح علمًا لدولة إسرائيل فيما بعد،
ويستخدم الإسرائيليون اليوم "نجمة داود" كرمز يهودي في كثير من الأمور، حيث
اتخذ "جيش الدفاع الإسرائيلي" من نجمة داود شعارًا له وبداخلها خنجر محاط
بغصن زيتون، كما توضع النجمة في رمز سلاح الطيران، كما تتخذ شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية
من نجمة داود شعارًا للشركة، كما تُعلق نجمة داود كذلك على المستشفيات والعيادات الطبية المدنية والعسكرية
الإسرائيلية، ترسم نجمة داود على جميع الصناعات الحربية والإسرائيلية كالدبابات والطائرات
والأجهزة اللاسلكية والمعدات الحربية، ونجدها كذلك رمزًا لمنظمة "الحارس الشاب"
الإسرائيلية، كما تتخذ النجمة رمزًا لبلدية "تل أبيب ، يافا"، وعلى الرغم
من أن هذه الرموز كانت تثير مشاعر الكبرياء والإخلاص والشجاعة، فلم تك النجمة السداسية
–نجمة داود- مقدسة لدى اليهود بأية حال.
نستطيع القول بأنه ليس لهذه النجمة أي دلالة تاريخية
قديمة أو إشارة عليها في العهد القديم، سوى أنها وجدت كنقش بارز، أو حفرت على جدران
المنازل والمعابد والمقابر عند شعوب الشرق الأدنى القديم، كنوع من الزخرفة والتزيين
علاوة على اعتقادهم بها وكغيرها كرمز يجلب الحظ ويمنع الحسد السحر والشعوذة، لذلك نلاحظ
انتشارها في أفلام الرعب الأجنبية بكثرة كدلالة على السحر والشعوذة والأمور الماورائية،
أما ارتباطها باسم داود فقد كان للإشارة إلى درعه الملكي ورمزًا لمملكة إسرائيل في
عهده؛ حيث كانت مملكة موحدة، ولم تَك رمزًا مُقدسًا لديهم.
تعليقات
إرسال تعليق