رهبنة العمود - الراهب سمعان العمودي

 ظهر الرهبان العموديون في سوريا، ورهبنة المعمودية هي فلسفة روحية خاصة، يعيش العمودي فيها على عمود ويصبح العمود ذات قداسة سماوية، ارتبطت بعدة –عبادات.

-يعتبر القديس "سمعان" أبو الرهبان العموديون"، وكان طول العمود الذي تسلقه سمعان أول مرة يبلغ 16 متر، كان يقصد أن يبتعد عن الناس، حيث كانوا يريدون بركاته في كل وقت حتى إنهم قطعوا عباءته ذات مرة، تبركًا به.

-ذكرهم "فيلون" الفيلسوف والمؤرخ اليهودي" الذي ولد في الإسكندرية، في كتابه "في حياة التأمل" إن رهبة المعمودية هي فلسفة روحية وحياتية متكاملة، وأن هؤلاء القوم كانوا يعالجون ويشفون النفوس، وفسروا الكتب الدينية تفسيرًا باطنيًا؛ لان الناموس بالنسبة لهم كمجموعة من أعضاء حية يكون الجسم فيها الكلمات المقولة (أي التي تقال)، والمعنى المخبئ فيها يكون النفس.



-ومن ذلك الفكر ظهر الفكر الغنوصي الذي ظهر بشدة عند الشيعة والمتصوفة.

-تعتبر مصر هي منشأ حياة الرهبنة، ولكن سوريا تعتبر من ارتقت بفكرة النسك أو الرهبنة إلى مراتب أخرى ومنها الرهبنة المعمودية.

-طرد "سمعان" من الدير لفرط تقشفه وشططه بالنسبة للمسيحين سوريا.

-تعتبر المزاجية والفردية هي مقومات الرهبنة المعمودية، فالمعمودي حُر بوقته كيف شاء، غير مقيد بشيء، وهو دائمًا وسط الناس، يدعو لهم ويبارك لهم.

-بدء العمود من قبل الرهبة المعمودية، فنجد بعد الشواهد والنُصب التذكارية القديمة، التي تمثلت على شكل أقرب للعمود والذي يشير إلى السماء، واعتبره الكثير مكان للعبادة والتقرب إلى الرب، والارتقاء فوق الحياة الدُنيا. وتتطور ذلك النصب فيما بعد إلى عمود رشيق يشبه المسلات المصرية القديمة حتى وصل إلى العمود الذي يجلس على قمته الرهبان للتأمل والعبادة بعيدًا عن حياة الضخب.

-ذكر في سفر الملوك الأول (10 – 5) أن الملك صور "حيرام"  وبالكنعانية "إخيرام" ومعناه الأخ الرفيع، ارسل المهندس "حورام آبي"[1] ليقيم عمودين كبيرين أمام "هيكل سليمان" واطلق عليهم اسمين الذي على اليمين هو "يكين" والذي على اليسار هو "بعوز"، وقد فصل ذلك يوسيفوس نقلًا عن المؤرخ الكنعاني "ديويس".

-في سوريا في منتصف الألف قبل الميلاد، طور السورين النصب التذكاري حتى أصبح شكلها أقرب إلى المسلة واعتبروها بيوتًا للآلهة.

-ثم تناول دكتور حايك، كيف تطورت المسيحية والرسول ومعها تطور النصب التذكاري.

-المسيحية تنحصر في الاستشهاد في سبيل المسيح، ثم انتهى ذلك بعد مرسوم ميلانه.

-ثم هرب العديد من المسيحين إلى حياة التنسك، فأخذت أشكالا متعددة منهم من فر إلى كوخ قديم، أو قاع بئر جافة، أو جبل، أو كهف، فازدهرت وانتشرت منذ القرن الرابع الميلادي.

-تحولت ارض شمال سوريا إلى غابة من الأعمدة.

-"سمعان" حياته مليئة بالأعاجيب، كنيسته الان على تل.

-وجدوا المندفعون المؤمنون بفكرة العمودية ضالة لهم لعد عصر الاستشهاد، فهى وسيلة استشهاد جديدة، فهي في الحقيقة قتل بطيء للجسد وشهواته، وارتقاء عظيم وشفافية الروح على صليبٍ جديد، فكان تعويضًا لمن فاته عصر الاستشهاد وفتح أمامه أبواب التحول إلى قديس عن طريق الشهادة، لكل ذلك ازدهرت الرهبنة المعمودية وغرست مئات الأعمدة في شمال سوريا، موطن المعمودية الأثري.

-ارتفاع الراهب العمودي وحيدًا على قمة عموديه، كان شيء فريدًا يشد نظر الناس ويلفت انتباههم وهذا ما أراده العمودي، فقد كان ينتشي بالجموع المحتشدة تحت أقدام عموده، شاخصة انظارهم إليه وكلا منهم ينتظر منه تلبية حاجة، وربما حاجة التباهي وحب الشهرة قد نازعت نفوس حب المعمودين فازدادوا قسوة على أنفسهم، ليزدادوا شهرة وهم في نشوة عارمة بتلك الحشود.

-قد حرص الرهبان غرس الاعمدة في الطرق الرئيسية ليتمكنوا من دعوة الناس للإيمان، فالمعمودية أولًا طريقة تبشير، اختارها النساك وفق مزاجهم، وضربوا مثلا للناس بقشافتهم التي غالوا بها في حدود تفوق المألوف.

-دل العمودي على بعض الرموز الفلسفية، فارتفاعه عن الأرض ترمز إلى ارتفاعه عن الدينا، والتقرب إلى الله، ويعد أيضًا تجسيدًا لفكرة الوساطة بين الناس وربهم.

-بما أن العمودي يعيش حياة غير عادية، فاعتبر بإنه إنسان غير عادي، فنُسب إليه معجزات عدة، ومن اهم تلك المعجزات شفاء العقيمات، وبذلك جاء إليهم العديد من الناس، وأمنوا بهم.

-عندما دخل العرب سوريا كانت قد ظاهرت المعمودية قد تلاشت تمامًا.

- عد السريان العرب محرريهم من الطغيان البيزنطي.

-العرب المسلمون والعمود:

النصب في نعجم لسان العرب: هي كل ما نصب فجعل علمًا وهي حجارة يذبح عليها لغير الله.

فقد عاد العمود من جديد ليحتل دورًا مهم في الطقوس الإسلامية، وتحول إلى المئذنة، فقد ارتقى عليه المؤذن ليصل صوته إلى العديد من الناس فليتمكن من دعوته إلى الصلاة.

فكانت سوريا أول بلد قامت به مئذنة في عهد بني أمية، فكانوا أول من استحدث المئذنة في الإسلام، وفق ما يقوله ابن الفقيه الهمذاني في كتابه البلدان، فتعتبر استمرارًا وظيفيًا لعمود الرهبان، (مئذنة عيسى الشرقية أو المئذنة البيضاء، الجامع الأموي بدمشق)، كانت تلك المئذنة، هي برج الناقوس الذي كان يوجد به ضريح "يوحنا" أو النبي يحيا، وكان من عادة الرهبان أن يعتكفوا فيها، ثم بعد ذلك اعتكف بها المسلمون عندما أصبحت مسجدًا.

-فقد ذكر ابن كثير في كتاب البداية والنهاية أن هناك راهب كان معتكفًا فيها، رفض المغادرة لإتمام أعمال بناء الجامع.

-وفي هذا البرج تمت تجربة الامام الغزالي عندما عبر من الشك إلى اليقين عندما كان معتكفًا بها في أوائل القرن الخامس الهجري كما ذكره في كتاب "المنقذ من الظلام".

-توالت الروايات عن تلك المئذنة، في سوريا، فيقال إن النبي عيسى سينزل عليها في أخر الزمان للقضاء على الدجال.

-ثم أصبح مكان مخصص للمعتكف يسمى الخزنة، كما هي موجودة في الجامع الأموي في سوريا.

- فإن القيم الروحية استمرت عبر الزمان وما العمودية إلا مرحلة، وهي نتاج الفكر الديني الإنساني.

 

 "الحياة الأبدية هي أن يعرفوك أنت الإله الحق وحدك".

السيد المسيح



[1] والذي يقال حديثًا إنه هو مؤسس الماسونية أو المتنورين أو البناؤون الأحرار.


منة الله عامر 

مُلخص محاضرة 

الرهبان العموديون، لدكتور منذر الحايك

تعليقات

المشاركات الشائعة