دعوات دخول المسجد الأقصى في عيد الأنوار - الحانوكا ديسمبر 2023
إعداد: منة الله عامر
تزايدت دعوات اليمين المتطرف بدخول المسجد الأقصى واضاءة شمعدان بداخله، احتفالا بعيد الأنوار أو الحانوكا؟ فما هو هذا العيد وما مناسبته؟
مناسبة الاحتفال بعيد الحانوكا هو
إعادة ذكرى افتتاح المذبح واستئناف العبادة في بيت المقدس، وذلك بعد ان تغلب
الحشمونائيون (ويلقبوا أيضًا بالمكابين، يُنسب إليهم التمرد الحشموني، وهو تمرد
قام به فقراء اليهود وغيرهم بدأه الكاهن الحشموني "ماثياس" عام 168 ق.م
واستمر أولاده في قيادته ضد أي استغلال اقتصادي وقمع ثقافي، فكان ضد الإمبراطورية
السلوقية (في عصر أنطيوخوس الرابع) وضد كل العناصر اليهودية التي تأغرقت، وقد
الحشمونين في تحقيق الاستقلال وإقامة الدولة الحشمونية، لكنهم تأغرقوا بعد ذلك إلى
أن استوعبت روما الدولة الحشمونية ونخبتها الحاكمة)، على اليونانيين في الخامس
والعشرين من كسلو عام 164 ق.م، وكان لهذا الحدث أهمية كبرى في تاريخ إسرائيل من
عدة اتجاهات: فمن الناحية القومية والسياسية تم تحرير يهوذا من العبودية على أيدي
شعب أجنبي وتحقيق الاستقلال السياسي، ومن الناحية الدينية والثقافية، بتحقيق
الحرية الدينية وتطبيق الشرائع وإبعاد تدخل العناصر الأجنبية المعادية في شئون
البلاد الداخلية ووقف التأثيرات والضغوط الثقافية اليونانية الأجنبية على روح
الديانة اليهودية.
اعتبر اليهود عملية تطهير أورشاليم
وبيت المقدس من الأوثان اليونانية بمثابة معجزة إلهية فالجنود الحشمونائيين كانوا
قليلي العدد والعتاد والخبرة العسكرية وواجهوا الجيش اليوناني المدرب والمجهز على
أحسن صورة، واستطاعوا بالروح المعنوية المرتفعة التغلب عليهم في عدة معارك.
مسميات العيد
عيد الحانوكا
مصدر هذا الاسم هو إعادة افتتاح المذبح
وتطهير بيت المقدس، المركز الديني لليهود، واستئناف عمل الكهنة، المحفز الرئيس في ثورة
المكابين الأولى.
عيد الأنوار
يطلق يوسف بن متتياهو عليه هذا الاسم
في كتابه "قادمونيوت هايهوديم" ويفسر هذه التسمية "بالفرحة من أجل
استئناف عبادة الرب في بيت المقدس والتوصية بالاحتفال سنويًا لمدة ثمانية أيام
بمناسبة إعادة افتتاح بين المقدس، ويحتفل بهذا العيد حتى اليوم ويطلق عليه عيد
الأنوار أو عيد الشموع.
شموع الحانوكا
للاحتفال بهذا العيد حدد الحكماء ضرورة
اشعال الشموع في أيام العيد الثمانية، ويأتي إشعال الشموع للتذكرة بإضاءة المصباح
في بيت المقدس بعد تحريره، وجرت العادة على إضاءة شمعة واحدة كل يوم بعد غروب
الشمس ويتم الاشعال بواسطة شمعة خارجية أخرى يطلق عليها اسم "شماس" ثم
توضع بعد ذلك في مكان بارز كل يراها الجميع ويذكرون النور الذي حل بهم.
تصنع عادة شمعدانات هذا العيد من النحاس أو الفضة أو المعادن الأخرى.
كما ذكر أستاذ عمرو زكريا في كتابه الأعياد اليهودية
تفسيرات الحاخامات لهذا العيد
يوضح لنا الدكتور سامي الإمام رحمه الله أستاذ الدراسات اليهودية في كلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر، أهمية هذا العيد لدى اليهود:
جاءت أهمية زيت الزيتون بإنه تم استعماله في إضاءة شموع الحنوكاه
(المنارة/الشمعدان)، وهو تقليد قديم قدم "خيمة الاجتماع", التي كانت
مقرّ موسى عليه السلام في رحلة التيه بعد الخروج من مصر، والمكان الذي تلقى فيه
وحي السماء، ومن بعدها هيكل أورشليم، الذي حلّ محل الخيمة، بعد دخول كنعان
(فلسطين)، حيث كان زيت الزيتون يستخدم في المهمة نفسها في عشر منارات ذهبيّة
سباعية الشعب كانت بالهيكل. ولذلك أصبح استخدام الزيت من العادات المتوارثة في هذه
المناسبة.
وقد طوّر الحاخامات اليهود والمفسرون
أفكارًا عنصريّة من ذلك:
أن الزيت المستخدم في الحنوكا يُذكِّر
ببعض المفاهيم التي يجب ألا تغيب عن فكر الإسرائيليين مثل:
أن "شعب إسرائيل" مثله مثل
الزيت يطفو على سطح الماء وهو كذلك يطفو فوق بقية الشعوب وبذلك يتَميّز بين الشعوب!!
أنه يحمل مفهوم عدم الاختلاط؛ فالزيت
لا يختلط بما عداه - الممثل بالماء - فهو ضد الاختلاط بغيره وهكذا "شعب
إسرائيل" لا يندمج بغيره من الشعوب ولا يختلط.
أن إضاءة شموع الحانوكاه تمثل هبوط
النور العلوي فالنور، هو ثالث الأشياء التي خُلقت بعد السماء والأرض والنور من
موجبات انقشاع الظلام، فالظلام ليس كينونة إنما هو غياب النور وبنو إسرائيل هم ممثلو
النور على الأرض وما عداهم ظلام أي ليس شيئًا وإنما غياب النور.
وهذا العيد لم يذكر في التوراة لكنه
اتخذ موعدًا سنويًا من قبل الحكماء للاحتفال بانتصار المكابين على اليونانيين، سنة
167 ق.م؛ أصدر الحاكم السلوقي "أنتيوخوس" قرارات تعيق إقامة اليهود
لطقوسهم الدينية في الهيكل واستطاعوا - بحسب المصادر العبرية - تحريره والانتصار
على هذا الحاكم. وعدّ هذا النصر من قبيل انتصار النور على الظلام بالمفهوم السابق
ذكره وبذلك يعدّ عيد حانوكا من الأعياد القوميّة الإسرائيلية.
ولما كان الشمعدان الذي هو أساس
الاحتفال بهذا العيد فقد اتخذ رمزًا لليهودية - لذلك يتم وضعه في كل مكان يخص
الإسرائيليين؛ في المعابد وواجهات المؤسسات والمطبوعات، والمقتنيات الثمينة وأدوات
الزينة وكل شيء تقريبًا. كما يحرص القائمون على التعليم في مراحله المختلفة على
تعليم الأطفال طريقة رسمه وتلوينه وكتابة العبارة السابقة عليه لتترسخ في الأذهان!
كما تصنع في حلي تتزين به النساء.
ليس هذا وحسب، بل إن الاعتزاز بهذا
الرمز اليهودي جعل الشباب يجعلونه شكلا مميزًا مرسومًا بقصة شعورهم أو وشمًا
للرجال والنساء على مناطق مختلفة من الجسم في فترة هذا العيد.
كانت منارة/شمعدان بداخل خيمة الاجتماع
في عصر سيدنا موسى -عليه السلام-، كما يذكر كاتبو التوراة وكانت تقوم بمهمة
الإضاءة والانارة، وكذلك هيكل سليمان من بعدها، ذات سبعة سُرُج قيل إنها تمثل أيام
الخلق الستة بالإضافة إلى يوم السبت وقد طور الفكر اليهودي
القبالي/الفلسفي/الصوفيّ وأضاف سراج ثامن قيل في تفسيره، بإنه يمثل قوة عليا فوق
الطبيعة كرمز للإسرائيلي الذي يتفوق على غيره في كل شيء! والبعض يصنعها بتسعة
سُرُج؛ ثمانية لما ذكرنا والتاسع يسمى (الخادم- الشماس)؛ لأن منه يشعلون بقية
السرج.
تعليقات
إرسال تعليق