كَمْ كاتب لسفر إشعياء!؟
إعداد: منة الله عامر
هل هناك أكثر من نبي باسم "إشعياء" في السفر ذاته؟
يشمل سفر إشعياء ست وستون إصحاحًا، وساد
الاعتقاد أن السفر بأكمله يُنسب إلى "إشعياء بن آموص" حتى عصر الرابي
"موشيه بن غقيلطة" الذي أدرك أن الاصحاحات ابتداءً من الاصحاح 40 وحتى
نهاية السفر، تعكس فترة تاريخية مختلفة، ومتأخرة كاملة عن الاصحاحات السابقة، وقد
نسبها "ابن غقطلية" إلى ما بعد عصر النفي البابلي، وبناء على نقد ابن
غقيلطة توصل "ابن عزا" معتمدًا على ما ورد في الاصحاح 27 بوجود اثنين
اسمهما إشعياء، وفي العصر الحديث وبالتحديد نهاية القرن الثامن عشر الميلادي، وبدأ
نقاد العهد القديم بالحديث عن قسمين مستقلين بعضهما عن بعض، وحددوا زمن الاصحاحات فمن
(1 – 39) يُنسب إلى القرن الثامن قبل الميلاد، والاصحاحات (40 – 66) تُقسم إلى
قسمين، الأول: يشمل الاصحاحات من (40 – 50) وينسبوا إلى إشعياء الثاني وزمنه هو
النفي البابلي، بينما القسم الثاني ويشمل الاصحاحات 56 – 66، ينسبوا إلى إشعياء
الثالث وزمنه وهو العصر الفارسي، ومنذ ذلك الوقت يُعالج الباحثون سفر إشعياء على
أنه يشمل ثلاثة أسفار، الأول يُنسب إلى إشعياء بن آموص، أما القسمان الآخران فحتى
هذا الوقت لم يتم التعرف على مؤلفيهما ولذلك يشار إليهما بأشعياء الثاني والثالث.
تناولت الاصحاحات أفكار متعددة، منها فكرة
الألوهية، وفكرة البقية الباقية ومجموعة من نبوءات الخلاص والوعد والوعيد، ولكن ما
يهمنا هنا هي مجموعة النبوءات التي وردت عن الأمم الأخرى، كمصر وبعض بلاد الشرق االأدنى
القديم مثل: بابل، وسوريا، فلماذا تنبأ إشعياء الأول بتلك النبوءات في ذلك الوقت
بالتحديد، وما أهميتها؟!
نبوءات الأمم الأخرى في سفر إشعياء الأول
تُسمى النبوءة على الأمم ب "משא – ماسَّا" وتفسيرها بحسب
جذر الكلمة: هو رفع الصوت أو الجهر، وبحسب مضمون النبوءات وفي مواضع أخرى في العهد
القديم، فتُفسر على إنها نبوءة بلاء ورثاء.
تتركز هذه النبوءات في
الاصحاحات (13 – 24)، باستثناء الاصحاح 22:
الاصحاح (13 – 14):
نبوءة بابل
الاصحاح (14 – 28: 32):
نبوءة فلسطين
الاصحاح (15 – 16) نبوءة
مؤاب، وكذلك الاصحاح 25: 10 – 12
الاصحاح 17: نبوءة دمشق
الاصحاح 18: نبوءة كوش
الاصحاح 19: نبوءة مصر
الاصحاح 20: نبوءة كوش
ومصر
الاصحاح 21: نبوءة بابل،
أدوم، ونبوءة بلاد العرب
الاصحاح 22: نبوءة أورشليم،
(وهي استثنائية في هذه الاصحاحات).
الاصحاح 24: نبوءة عامة
عن خراب مملكة الشر الوثنية في كل الأرض.
لم يكن إشعياء الأول
يحمل أي كراهية للأمم الأخرى، فلم تكن تلك النبوءات على الأمم إلا لخطايا ارتكبتها
تلك الأمم ضد الرب، والأخلاق وعبادة الأوثان والغطرسة، وليست لخطايا ضد إسرائيل أو
مملكة الرب، أي ليست نبوءات تحمل أي طابع قومي أو عنصري خاص (في صالح شعب الله المختار).
ودليل على نقاء سريرة
إشعياء وأصالته ونبله، ما ورد في نبوءته عن التحالف الثلاثي: آشور ومصر وبابل، الذي
يبارك فيه نبي إسرائيل ألد أعداء شعبه: "مبارك شعبي مصر وعمل يدي آشور،
وميراثي إسرائيل" (19: 25)، فتظهر تلك الفقرة أن تلك الأمم متساوون أمام
الخالق، وتظهر عالمية رسالته ومحبته للإنسانية.
كما عرض الحاخام "منشه
دُوفشَانِي"، في كتابه "أنبياء العهد القديم، الأنبياء الأواخر".
نبوءة مصر في سفر إشعياء:
وَأُهَيِّجُ مِصْرِيِّينَ عَلَى مِصْرِيِّينَ، فَيُحَارِبُونَ كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ: مَدِينَةٌ مَدِينَةً، وَمَمْلَكَةٌ مَمْلَكَةً. 3 وَتُهْرَاقُ رُوحُ مِصْرَ دَاخِلَهَا، وَأُفْنِي مَشُورَتَهَا، فَيَسْأَلُونَ الأَوْثَانَ وَالْعَازِفِينَ وَأَصْحَابَ التَّوَابعِ وَالْعَرَّافِينَ. 4 وَأُغْلِقُ عَلَى الْمِصْرِيِّينَ فِي يَدِ مَوْلًى قَاسٍ، فَيَتَسَلَّطُ عَلَيْهِمْ مَلِكٌ عَزِيزٌ، يَقُولُ السَّيِّدُ رَبُّ الْجُنُودِ. 5 وَتُنَشَّفُ الْمِيَاهُ مِنَ الْبَحْرِ، وَيَجِفُّ النَّهْرُ وَيَيْبَسُ. 6 وَتُنْتِنُ الأَنْهَارُ، وَتَضْعُفُ وَتَجِفُّ سَوَاقِي مِصْرَ، وَيَتْلَفُ الْقَصَبُ وَالأَسَلُ. 7 وَالرِّيَاضُ عَلَى النِّيلِ عَلَى حَافَةِ النِّيلِ، وَكُلُّ مَزْرَعَةٍ عَلَى النِّيلِ تَيْبَسُ وَتَتَبَدَّدُ وَلاَ تَكُونُ. 8 وَالصَّيَّادُونَ يَئِنُّونَ، وَكُلُّ الَّذِينَ يُلْقُونَ شِصًّا فِي النِّيلِ يَنُوحُونَ. وَالَّذِينَ يَبْسُطُونَ شَبَكَةً عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ يَحْزَنُونَ، 9 وَيَخْزَى الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الْكَتَّانَ الْمُمَشَّطَ، وَالَّذِينَ يَحِيكُونَ الأَنْسِجَةَ الْبَيْضَاءَ. 10 وَتَكُونُ عُمُدُهَا مَسْحُوقَةً، وَكُلُّ الْعَامِلِينَ بِالأُجْرَةِ مُكْتَئِبِي النَّفْسِ. 11 إِنَّ رُؤَسَاءَ صُوعَنَ أَغْبِيَاءُ! حُكَمَاءُ مُشِيرِي فِرْعَوْنَ مَشُورَتُهُمْ بَهِيمِيَّةٌ! كَيْفَ تَقُولُونَ لِفِرْعَوْنَ: «أَنَا ابْنُ حُكَمَاءَ، ابْنُ مُلُوكٍ قُدَمَاءَ»؟ 12 فَأَيْنَ هُمْ حُكَمَاؤُكَ؟ فَلْيُخْبِرُوكَ. لِيَعْرِفُوا مَاذَا قَضَى بِهِ رَبُّ الْجُنُودِ عَلَى مِصْرَ. 13 رُؤَسَاءُ صُوعَنَ صَارُوا أَغْبِيَاءَ. رُؤَسَاءُ نُوفَ انْخَدَعُوا. وَأَضَلَّ مِصْرَ وُجُوهُ أَسْبَاطِهَا. 14 مَزَجَ الرَّبُّ فِي وَسَطِهَا رُوحَ غَيٍّ، فَأَضَلُّوا مِصْرَ فِي كُلِّ عَمَلِهَا، كَتَرَنُّحِ السَّكْرَانِ فِي قَيْئِهِ. 15 فَلاَ يَكُونُ لِمِصْرَ عَمَلٌ يَعْمَلُهُ رَأْسٌ أَوْ ذَنَبٌ، نَخْلَةٌ أَوْ أَسَلَةٌ. 16 فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَكُونُ مِصْرُ كَالنِّسَاءِ، فَتَرْتَعِدُ وَتَرْجُفُ مِنْ هَزَّةِ يَدِ رَبِّ الْجُنُودِ الَّتِي يَهُزُّهَا عَلَيْهَا. 17 وَتَكُونُ أَرْضُ يَهُوذَا رُعْبًا لِمِصْرَ. كُلُّ مَنْ تَذَكَّرَهَا يَرْتَعِبُ مِنْ أَمَامِ قَضَاءِ رَبِّ الْجُنُودِ الَّذِي يَقْضِي بِهِ عَلَيْهَا.
تعليقات
إرسال تعليق