تيه بني اسرائيل 2
بَعد عصيان بني إسرائيل وعقاب الرب لهم بالتيه والشتات أربعون عامًا -كما ذكرنا
سلفًا في التقرير السابق- كان لابد من أن ينزل الله عليهم معجزات أخرى؛ ليَثبت إيمانهم
ويتمسكوا به، فهل كانت المعجزات تلك المرة مُرضية لهم ليتمسكوا به ويتبعوا أوامره؟
هذا ما سنكتشفه في التقرير.
"معجزات الرب تتوالى"
يسرد الإصحاح
السابع عشر معجزة عصا هارون التي أزهرت، فنقرأ: "وَفِي الْغَدِ دَخَلَ مُوسَى
إِلَى خَيْمَةِ الشَّهَادَةِ، وَإِذَا عَصَا هَارُونَ لِبَيْتِ لاَوِي قَدْ أَفْرَخَتْ.
أَخْرَجَتْ فُرُوخًا وَأَزْهَرَتْ زَهْرًا وَأَنْضَجَتْ لَوْزًا".
وفي الإصحاح
الحادي والعشرين يصنع موسى حية نحاسية ويضعها على راية، هذه الحية تَشفي كل من لدغته
حية إذا نظر إليها، لذلك نَجد اليوم في "إسرائيل" أن رمز الحية يُرسم على
المستشفيات والصيدليات، كامتداد لتلك الحية.
وفي الإصحاح
العشرين مُعجزة تفجر الماء من الصخرة، فنقرأ: " وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً:«خُذِ
الْعَصَا وَاجْمَعِ الْجَمَاعَةَ أَنْتَ وَهَارُونُ أَخُوكَ، وَكَلِّمَا الصَّخْرَةَ
أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ أَنْ تُعْطِيَ مَاءَهَا، فَتُخْرِجُ لَهُمْ مَاءً مِنَ الصَّخْرَةِ
وَتَسْقِي الْجَمَاعَةَ وَمَوَاشِيَهُمْ».فَأَخَذَ مُوسَى الْعَصَا مِنْ أَمَامِ الرَّبِّ
كَمَا أَمَرَهُ،وَجَمَعَ مُوسَى وَهَارُونُ الْجُمْهُورَ أَمَامَ الصَّخْرَةِ، فَقَالَ
لَهُمُ: «اسْمَعُوا أَيُّهَا الْمَرَدَةُ، أَمِنْ هذِهِ الصَّخْرَةِ نُخْرِجُ لَكُمْ
مَاءً؟».وَرَفَعَ مُوسَى يَدَهُ وَضَرَبَ الصَّخْرَةَ بِعَصَاهُ مَرَّتَيْنِ، فَخَرَجَ
مَاءٌ غَزِيرٌ، فَشَرِبَتِ الْجَمَاعَةُ وَمَوَاشِيهَا".
وتلك القصة التوراتية
تتشابه مع القصة القُرآنية، فنقرأ في كتاب الله عز وجل بسم الله الرحمن الرحيم،"وَإِذِ
اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ
مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ
وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ"
سورة البقرة الآية 60.
يتتبع السفر
باقي الأحداث؛ حيث تتحدث الإصحاحات من السابع والعشرين إلى الثلاثين عن شرائع الميراث
والتقدمات أيام الأعياد والنذور.
وحسب شريعة الميراث،
ترث البنت إن لم يكن هناك ابن، وإذا لم يكن بنت للمتوفى ينتقل الميراث إلى أخيه وإن
لم يكن هناك إخوة يرث المتوفى نسيبه الأقرب إليه من عشيرته.
وفي الإصحاح الحادي
والثلاثين خبر الحرب مع المديانيين وهلاك المديانيين، فنقرأ:" وَكَلَّمَ الرَّبُّ
مُوسَى قَائِلاً:«اِنْتَقِمْ نَقْمَةً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْمِدْيَانِيِّينَ،
ثُمَّ تُضَمُّ إِلَى قَوْمِكَ».فَكَلَّمَ مُوسَى الشَّعْبِ قَائِلاً: «جَرِّدُوا مِنْكُمْ
رِجَالاً لِلْجُنْدِ، فَيَكُونُوا عَلَى مِدْيَانَ لِيَجْعَلُوا نَقْمَةَ الرَّبِّ
عَلَى مِدْيَانَ".
يختتم السفر
بسجل رحلات البرية ومدن اللاويين، ويأمر الرب أن يكون هناك مدن ملجأ؛ ليهرب إليها القاتل
الذي ارتكب القتل الخطأ، وتكون هذه المدن ملجأ من الولي لكي لا يموت القاتل حتى يقف
أمام الجماعة للقضاء وعددها ثلاث مدن عبر الأردن وثلاث مدن في كنعان، أما حكم القتل
العمد فهو القصاص، وينفذ القصاص ولي الدم.
والجدير بالذكر
أن السفر لا يحتوي فقط على الأحداث التاريخية والشرائع، ولكنه أيضًا احتوى على عدد
من القطع الشعرية بعضها فيه أصالة كنشيد البئر، وهذا في الإصحاح الحادي والعشرين فنقرأ:"
حِينَئِذٍ تَرَنَّمَ إِسْرَائِيلُ بِهذَا النَّشِيدِ: «اِصْعَدِي أَيَّتُهَا الْبِئْرُ!
أَجِيبُوا لَهَا.بِئْرٌ حَفَرَهَا رُؤَسَاءُ، حَفَرَهَا شُرَفَاءُ الشَّعْبِ، بِصَوْلَجَانٍ،
بِعِصِيِّهِمْ». وَمِنَ الْبَرِّيَّةِ إِلَى مَتَّانَةَ،وَمِنْ مَتَّانَةَ إِلَى نَحْلِيئِيلَ،
وَمِنْ نَحْلِيئِيلَ إِلَى بَامُوتَ،وَمِنْ بَامُوتَ إِلَى الْجِوَاءِ الَّتِي فِي
صَحْرَاءِ مُوآبَ عِنْدَ رَأْسِ الْفِسْجَةِ الَّتِي تُشْرِفُ عَلَى وَجْهِ الْبَرِّيَّةِ".
وأخيرًا نلمس في
السفر أنه أظهر شخصية موسى -عليه السلام- بالتواضع فنقرأ:" وَأَمَّا الرَّجُلُ
مُوسَى فَكَانَ حَلِيمًا جِدًّا أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ
الأَرْضِ"، وثقته فى الرب فنقرأ:" وَقَالَ مُوسَى لِحُوبَابَ بْنِ رَعُوئِيلَ
الْمِدْيَانِيِّ حَمِي مُوسَى: «إِنَّنَا رَاحِلُونَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي قَالَ
الرَّبُّ أُعْطِيكُمْ إِيَّاهُ. اِذْهَبْ مَعَنَا فَنُحْسِنَ إِلَيْكَ، لأَنَّ الرَّبَّ
قَدْ تَكَلَّمَ عَنْ إِسْرَائِيلَ بِالإِحْسَانِ».وغضبه على بنى إسرائيل، فنقرأ:"
فَاغْتَاظَ مُوسَى جِدًّا وَقَالَ لِلرَّبِّ: «لاَ تَلْتَفِتْ إِلَى تَقْدِمَتِهِمَا.
حِمَارًا وَاحِدًا لَمْ آخُذْ مِنْهُمْ، وَلاَ أَسَأْتُ إِلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ».
وتأخذ التوراة
مُنحنى آخر في آخر سفر من أسفارها الخمسة، وللحديث بقية.
تعليقات
إرسال تعليق