حملة عرش الرب
كتب: منة الله عامر
تحتل الرموز الدينية مكانة كبيرة فى الديانة اليهودية، ومعظم
تلك الرموز تأثراً بثقافات الشعوب المجاورة لهم كثقافة الشرق الأدنى القديم "
بابل وآشور والأكاديين " ووتُعتبر شكل من أشكال الوثنية وتجسيد الرب رُغم
تحريم ذلك كما ورد فى الوصايا العشر ولكن كما هو معروف عن اليهود إنهم لا يؤمنون
إلا بالأشياء الملموسة فإبتدعوا ما يُسمى بالكروبيم حملة عرش الرب.
![]() |
| صورة من أحد أبواب المنازل اليهودية في حارة اليهود بالقاهرة الفاطمية، مصر |
الكروبيم
فى العبرية هى عبارة عن
مخلوقات ليست ملائكة لأنها ليست لها وظيفة الملائكة المنوطة بحمل رسائل الرب، كلمة
كروب ليست عبرية خالصة بل أكدية أُخذت من " كاريبو"، وهو أسم عَلم على
طائفة خاصة من الكائنات الجنية التى كانت تحرس معابد بابل وقصورها، ومن معانى كلمة
"كَرب (مُفرد "كروب") " الأكدية " صلى-بارك" فكأن
الكائنات تُصلى لللإله فى المعبد أو تبارك الملك فى القصر.
قد صنع موسى الكروبيم
كما أمر الرب فى سفر الخروج (9-7:37 )، ووردت مواصفات "الكروبيم" التى قام سليمان بصنعها فى الهيكل فى سفر أخبار الأيام (3-
10:13 ).
وظائف الكروبيم
أولاً: تظلل تابوت العهد بتمثالين لهما، " وَتَصْنَعُ كَرُوبَيْنِ
مِنْ ذَهَبٍ. صَنْعَةَ خِرَاطَةٍ تَصْنَعُهُمَا عَلَى طَرَفَيِ الْغِطَاءِ، فَاصْنَعْ
كَرُوبًا وَاحِدًا عَلَى الطَّرَفِ مِنْ هُنَا، وَكَرُوبًا آخَرَ عَلَى الطَّرَفِ مِنْ
هُنَاكَ. مِنَ الْغِطَاءِ تَصْنَعُونَ الْكَرُوبَيْنِ عَلَى طَرَفَيْهِ، وَيَكُونُ
الْكَرُوبَانِ بَاسِطَيْنِ أَجْنِحَتَهُمَا إِلَى فَوْقُ، مُظَلِّلَيْنِ بِأَجْنِحَتِهِمَا
عَلَى الْغِطَاءِ، وَوَجْهَاهُمَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى الآخَرِ. نَحْوَ الْغِطَاءِ
يَكُونُ وَجْهَا الْكَرُوبَيْنِ، وَتَجْعَلُ الْغِطَاءَ عَلَى التَّابُوتِ مِنْ فَوْقُ،
وَفِي التَّابُوتِ تَضَعُ الشَّهَادَةَ الَّتِي أُعْطِيكَ، وَأَنَا أَجْتَمِعُ بِكَ
هُنَاكَ وَأَتَكَلَّمُ مَعَكَ، مِنْ عَلَى الْغِطَاءِ مِنْ بَيْنِ الْكَرُوبَيْنِ اللَّذَيْنِ
عَلَى تَابُوتِ الشَّهَادَةِ، بِكُلِّ مَا أُوصِيكَ بِهِ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ. " سفر الخروج (25 -18:22).
وفى يوم تدشين المذبح:
دخل موسى " خيمة الإجتماع " ليتحدث إلى الرب، فسمع " الصوت "
يكلمه من فوق الغطاء على تابوت الشهادة من بين الكروبيم.
وعندما بنى سليمان هيكل
أورشاليم، زود المحراب بكروبيم من خشب الزيتون غشاهما بذهب.
ثانياً: تزين بصورها
المنسوجة ستائر الخيمة التى كان موسى يتخذها هيكلاً والحجاب الذى كان يفصل فى تلك
الخيمة بين القدس وقدس الأقدس.
ثالثاً: تزين بصورها المحفورة جدران هيكل سليمان وبعض أجزائه
وأوعيته، " و جميع حيطان البيت في مستديرها رسمها نقشا بنقر كروبيم و
نخيل و براعم زهور من داخل و من خارج " سفر الملوك الأول (29: 6 ).
رابعاً: تزين بصورها المحفورة هيكل أورشاليم كما ذُكر في سفر
حزقيال ( 41 -20:18 )، " وعمل فيه كروبيم
و نخيل نخلة بين كروب و كروب و لكل كروب وجهان، فوجه الانسان نحو نخلة من هنا و وجه الشبل نحو
نخلة من هنالك عمل في كل البيت حواليه، من الارض الى ما فوق المدخل عمل كروبيم و نخيل و على حائط
الهيكل ".
خامساً: تحمل عرش الرب، ففى سفر المزامير ( 10:18
) ورد: " ركب على كروب وطار،
وهف على أجنحة الرياح ".
وفي رؤيا حزقيال رأها
عند نهر الخابور في السنة الخامسة من نفي الملك "يوقيام" عام 593 ق.م،
كان الرب يجلس علي عرش تحمله أربعة مخلوقات لكل منها أربعة أوجه ،وجه إنسان ،ووجه
أسد ووجه ثور ووجه نسر ولكل منها أربعة أجنحة تحتها أيدى إنسان.
سادساً: تحرس شجرة الحياة ،فوفقاً لما ورد في سفر التكوين (
24:3) " فَطَرَدَ الإِنْسَانَ،
وَأَقَامَ شَرْقِيَّ جَنَّةِ عَدْنٍ الْكَرُوبِيمَ، وَلَهِيبَ سَيْفٍ مُتَقَلِّبٍ لِحِرَاسَةِ
طَرِيقِ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ."
وظيفة
الكروبيم الأساسية
وتندرج الوظائف الست
التى يذكرها العهد القديم " للكروبيم " فى
" حراسة تابوت العهد ": فتابوت
العهد يظله تمثالاً كروبيم من الذهب (أيام موسى) ومن خشب زيتون مغشى بالذهب (فى
هيكل سليمان) ولكل كروب من هذين " الكروبين" وجه واحد وجناحان، وكان
مقام الرب فوق غطاء التابوت فهو يتكلم من فوق الغطاء من بين الكروبيم اللذين
يظللان التابوت، فالكروبان هنا ليسا مطيه الرب ولكنهما حارسان للتابوت، وما يضم من
لوحين حجر كتبَ عليهما موسى " الوصايا العشر".
حراسة الهيكل عامة: "
الكروبيم " هما رمز لحراسة الهيكل عامة حين تنسج صورها على الستائر والحجاب
فى خيمة موسى وحين تحفر صورها على هيكل سليمان أو على هيكل أورشاليم كما فى رؤيا
حزقيال.
وصور "
الكروبيم " المحفورة على هيكل أورشاليم فى رؤيا حزقيال تجعل لكل كروب وجهين:
وجه إنسان ووجه شبل من الناحية الآخرى وظيفتهما : " حراسة شجرة الحياة "
، " حمل عرش الرب".
والكروبيون فى الرواية العربية هم سادة الملائكة
: جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، وهم لا يسأمون العبادة صابرون عليها.
والجدير
بالذكر أن الربى " موشى بن ميمون " فى "شرائع التوراة
الأساسية" يعدد عشر مراتب من الملائكة ويضع " الكروبيم " فى
المرتبة التاسعة رغم إنها ليست من الملائكة كما ذكرنا سلفاً.


تعليقات
إرسال تعليق