شخصية داود العبرانية أسطورة أم حقيقة
كتب: منة الله
عامر.
العهد القديم ملئ بالشخصيات الأسطورية العديدة التى آثارت
دهشة قارئينه ووضعت تساؤلات عديدة حول هل بالفعل كانت تلك الشخصيات بهذا الحجم
والقوة والثراء أم مُجرد خيال ونتاج آدبى من محررين العهد القديم ؟! هل وجدت
بالفعل فى هذا العصر أم مُجرد أسطورة كالإلياذة والأوديسا ؟ ومن أكثر تلك الشخصيات
إثارة للدهشة شخصية " الملك داود ".
" داود "
يمثل " داود " رمز دينى أساسى فى
اليهودية والمسيحية فعندما نقرأ فى العهد القديم قصته وسنجدها فى سفر "
صموئيل الأول والثانى – الملوك الأول والثانى " سنتعرف على الملك داود بكل ما فيه من
خصال جيدة وسيئة، سنرى الراعى، النبي، الشاعر، قاتل الجبابرة، المرنم، الملك،
الإنسان، وأيضاً مِنْ نسله سيأتى " المسيح المُخلص " ويعتبره المسيحيين
أحد أسلاف عيسى، وبجوار ذلك سنجد أيضاً أفعال آخرى مُشينة سنجد أن النبى يزنى،
يقتل، يخون، يكذب !
ويبقى السؤال هل كان الملك داود حقاً بكل تلك القوة
والثراء؟ وكمْ كان إتساع فتوحات داود؟ وهل تتفق تلك الفتوحات المَذكورة فى العهد
القديم مع التنقيبات الآثرية الحديثة؟
"
المؤرخون التوراتيون والتنقيبات الآثرية "
حاول العديد من المؤرخون
التوراتيون أمثال: " توماس طومسن – ونيلز بيتر لمخى – فيليب دافيس " أن يؤكدوا
أن داود وسليمان والحُكم الملكى المتحد لإسرائيل فى ذلك الوقت ليس أكثر من تركيبة
أيدلوجية ماهرة أو متنقة أنتجتها دوائر كهنوتية فى أورشاليم فى فترة ما بعد السبى
أو الفترة الهيلينية.
رُغم ذلك ومن زاوية
أدبية وآثارية محضة وبقراءة العهد القديم الجزء الخاص بأيام داود وسليمان تظهر
بوضوح أن هذا الوصف تصوير لماضٍ يتم تحويله لماض مثالى إستثنائى وعهد ذهبى مجيد،
ولكن فى عام 1993 م فى الموقع التوراتى لتل دان شمال " إسرائيل "، تَم
إكتشاف أجزاء مصنوعة يدوياً مكسورة غيرت طبيعة هذا النقاش، كانت قطعة نقش "
بيت داود " كانت جزء من نَصب بازلتى أسود مكسوراً وأستعمل لاحقاً فى طبقة
ثانية كحجارة بناية، كُتب النقش بالآرامية، لغة ممالك سوريا آنذاك ويروى بالتفاصيل
قصة غزو إسرائيل مِنْ قبل ملك آرامى لم يُذكر أسمه على الأجزاء التى اكتشفت حتى
الآن.
لكن بالكاد يكون هناك آي
شك فى أن المقصود بهذا الغزو هو قصة هجوم " حزائيل " ملك دمشق على
المملكة الشمالية لإسرائيل سنة 835 ق.م.
هذا دليل قوي على أن
شخصية الملك داود كانت حقيقة ووجدت بالفعل، لكن كَمْ كان إتساع فتوحات داود آنذاك
؟
أعتقد علماء الآثار –
لعقود من الزمن - أن ما ورد فى العهد القديم من فتوحات داودية والمملكة الُسلمانية
إنها صحيحة بفضل بعض الإكتشافات الأثرية التى أكدت وجود بوابات لقصور سليمان فى
نفس المناطق التى ورد ذكرها فى العهد القديم.
كما نَعرف أن دولة يهوذا
مَوطن " داود وسليمان " دولة مُتخلفة بشكل واضح وليس هناك دليل مهم على
أن هناك وجود ثروة لإمبراطورية عظيمة تتدفق عائدة إلى الدولة ولكن هناك مُشكلة
زمنية تاريخية مزعجة بدرجة أكبر: أن قصور بيت حيلانى التى تعود إلى سوريا فى العصر
الحديدى والتى يفترض إنها تمثل النمط التقليدي للقصور السُليمانية فى مجدو إنما
ظهرت فى سوريا لأول مرة فى القرن التاسع ق.م، آى بعد نصف قرن من عصر سليمان، فكيف
أمكن معامريي سليمان أن يتبنوا هذا النمط المعمارى الذى لم يكن قد وجد بعد ؟
وأخيراً فأن لدينا مشكلة فى التأريخ. !
فهل كان حقاً هناك
إمبراطورية عظيمة كالتى ورد ذكرها فى العهد القدين تعود إلى عصر داود ؟ أم مُجرد
خيال من مُحررين العهد القديم لكى يثبتوا أيدلوجية لاهوتية بحتة ؟! وإذا صح هذا
القول لماذا دَون مُحرر تلك الأسطورة وأكد عليها بهذا الشكل المثير للدهشة ؟! هذا
ما سنعرفه فى التقرير القادم.
تعليقات
إرسال تعليق