أخر أسفار التوراة - التثنية واللعنات والبركات 2

كتب: منة الله عامر 

تقع أهمية سفر التثنية، فى إنه مصدر أساسى للتشريع اليهودى، لذا فإن كُتاب المشنا اعتمدوا على هذا السفر فى مباحث كاملة خاصة بقوانين الأحوال الشخصية والقوانين الجنائية، سنتعرف على التشريعات اليهودية وكيف أخذ هذا السفر شكلًا مُغايرًا عن باقى أسفار التورة.
     
     بَعد أن ذَكرنا ما وردَ فى الجزء الأول من سفر التثنية، سنَنتقل بالحديث عن الشرائع فى ترتيب دقيق، والملحوظ أن جانبًا من الإنسانية والرحمة والشفقة تظهر فى هذه الشرائع فأساس هذه الشرائع هنا العدل والرحمة، ويهدف المُشرع فى الشرائع التى ذكرت فيما بين الإصحاح الرابع عشر إلى الإصحاح السادس والعشرون من هذا السفر إلى تكوين مجتمع فاضل لا يُضار فيه فقير ولا يُهدر فيه حق عامل فى عرقه، وتوصى الشرائع بالمظلوم واليتيم والأرملة وابن السبيل.
      فيعطى الشرع لليتيم والأرملة وابن السبيل حقًا، وهو ما ينسى من الحصاد فى الحقل فنقرأ:" «إِذَا حَصَدْتَ حَصِيدَكَ فِي حَقْلِكَ وَنَسِيتَ حُزْمَةً فِي الْحَقْلِ، فَلاَ تَرْجعْ لِتَأْخُذَهَا، لِلْغَرِيبِ وَالْيَتِيمِ وَالأَرْمَلَةِ تَكُونُ، لِكَيْ يُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي كُلِّ عَمَلِ يَدَيْكَ.وَإِذَا خَبَطْتَ زَيْتُونَكَ فَلاَ تُرَاجعِ الأَغْصَانَ وَرَاءَكَ، لِلْغَرِيبِ وَالْيَتِيمِ وَالأَرْمَلَةِ يَكُونُ.إِذَا قَطَفْتَ كَرْمَكَ فَلاَ تُعَلِّلْهُ وَرَاءَكَ. لِلْغَرِيبِ وَالْيَتِيمِ وَالأَرْمَلَةِ يَكُونُ.وَاذْكُرْ أَنَّكَ كُنْتَ عَبْدًا فِي أَرْضِ مِصْرَ. لِذلِكَ أَنَا أُوصِيكَ أَنْ تَعْمَلَ هذَا الأَمْرَ".
     وكذلك إخراج الزكاة التى تبلغ عُشر محصول الحقل كل ثلاث سنوات فنقرأ:" «فِي آخِرِ ثَلاَثِ سِنِينَ تُخْرِجُ كُلَّ عُشْرِ مَحْصُولِكَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَتَضَعُهُ فِي أَبْوَابِكَ.فَيَأْتِي اللاَّوِيُّ، لأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قِسْمٌ وَلاَ نَصِيبٌ مَعَكَ، وَالْغَرِيبُ وَالْيَتِيمُ وَالأَرْمَلَةُ الَّذِينَ فِي أَبْوَابِكَ، وَيَأْكُلُونَ وَيَشْبَعُونَ، لِكَيْ يُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي كُلِّ عَمَلِ يَدِكَ الَّذِي تَعْمَلُ".
    وفى الإصحاح الثالث والعشرون يُحرم الربا لليهودى ويجوز للغير اليهودى، فنقرأ:"«لاَ تُقْرِضْ أَخَاكَ بِرِبًا، رِبَا فِضَّةٍ، أَوْ رِبَا طَعَامٍ، أَوْ رِبَا شَيْءٍ مَّا مِمَّا يُقْرَضُ بِرِبًا،لِلأَجْنَبِيِّ تُقْرِضُ بِرِبًا، وَلكِنْ لأَخِيكَ لاَ تُقْرِضْ بِرِبًا، لِيُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي كُلِّ مَا تَمْتَدُّ إِلَيْهِ يَدُكَ فِي الأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكَهَا".
    اهتم هذا السفر بالشرائع الخاصة بالمرأة، ففى الإصحاح الثانى والعشرون، حدد عقوبة الزنا فإذا اكتشف الرجل أن عروسه غير عذراء؛ فعقاب الزوجة هو الرجم حتى الموت، وعقاب المرأة المتزوجة التى تزنى هو القتل مع الزانى، أما عقاب الفتاة المخطوبة يختلف فى حالة ارتكابها للزنا فى المدينة عنه فى الحقل، ففى المدينة عقابها أن ترجم مع الزانى أما فى الحقل فلا عقاب لها، أما الزانى هو الذى يقتل إذ افترض المُشرع أن الفتاة استغاثت فى الحقل ولكن لم تجد من يخلصها ولكن فى المدينة فإستغاثتها تسمع، أما إذا ارتكبت فتاة عذراء غير مخطوبة الزنا، فإن الزانى يُرغم على الزواج منها إلى الأبد ولا يجوز طلاقها.
    ويكمل كاتب السفر التشريعات الخاصة بالمرأة فنقرأ فى الإصحاح الرابع والعشرون من سفر التثنية:" ذَا أَخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَتَزَوَّجَ بِهَا، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ لأَنَّهُ وَجَدَ فِيهَا عَيْبَ شَيْءٍ، وَكَتَبَ لَهَا كِتَابَ طَلاَق وَدَفَعَهُ إِلَى يَدِهَا وَأَطْلَقَهَا مِنْ بَيْتِهِ،وَمَتَى خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهِ ذَهَبَتْ وَصَارَتْ لِرَجُل آخَرَ،فَإِنْ أَبْغَضَهَا الرَّجُلُ الأَخِيرُ وَكَتَبَ لَهَا كِتَابَ طَلاَق وَدَفَعَهُ إِلَى يَدِهَا وَأَطْلَقَهَا مِنْ بَيْتِهِ، أَوْ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ الأَخِيرُ الَّذِي اتَّخَذَهَا لَهُ زَوْجَةً،لاَ يَقْدِرُ زَوْجُهَا الأَوَّلُ الَّذِي طَلَّقَهَا أَنْ يَعُودَ يَأْخُذُهَا لِتَصِيرَ لَهُ زَوْجَةً بَعْدَ أَنْ تَنَجَّسَتْ. لأَنَّ ذلِكَ رِجْسٌ لَدَى الرَّبِّ. فَلاَ تَجْلِبْ خَطِيَّةً عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا"، أى إنه لا يجوز لرجل أن يتزوج من إمرأة قد طلقها، وتزوجت بعد الطلاق حتى وإن مات زوجها الثانى أو طلقها زوجها الثانى.
   وفى نفس الإصحاح الفقرة الخامسة يُحرم على المتزوج حديثُا ألا يلتحق بالجندية لمدة عام، فنقرأ:" «إِذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً جَدِيدَةً، فَلاَ يَخْرُجْ فِي الْجُنْدِ، وَلاَ يُحْمَلْ عَلَيْهِ أَمْرٌ مَّا. حُرًّا يَكُونُ فِي بَيْتِهِ سَنَةً وَاحِدَةً، وَيَسُرُّ امْرَأَتَهُ الَّتِي أَخَذَهَا".
    وفى الإصحاح الخامس والعشرون، يُقرر المشرع زواج "ייבום" اليبوُم،  أى زواج الأخ بأرملة أخيه، فنقرأ:" «إِذَا سَكَنَ إِخْوَةٌ مَعًا وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَيْسَ لَهُ ابْنٌ، فَلاَ تَصِرِ امْرَأَةُ الْمَيْتِ إِلَى خَارِجٍ لِرَجُل أَجْنَبِيٍّ. أَخُو زَوْجِهَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَيَتَّخِذُهَا لِنَفْسِهِ زَوْجَةً، وَيَقُومُ لَهَا بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ.وَالْبِكْرُ الَّذِي تَلِدُهُ يَقُومُ بِاسْمِ أَخِيهِ الْمَيْتِ، لِئَلاَّ يُمْحَى اسْمُهُ مِنْ إِسْرَائِيلَ".
     ولكن إذا رفض الأخ أن يتزوج من أرملة أخيه، فإنها تشكتى للقضاه وتقوم بخلعه، بعد أن تخلع حذائه من قدميه وتبصق على وجهه وتصرخ أمام الجميع بإنه رفض ان يتزوجها، فنقرأ:" «وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الرَّجُلُ أَنْ يَأْخُذَ امْرَأَةَ أَخِيهِ، تَصْعَدُ امْرَأَةُ أَخِيهِ إِلَى الْبَابِ إِلَى الشُّيُوخِ وَتَقُولُ: قَدْ أَبَى أَخُو زَوْجِي أَنْ يُقِيمَ لأَخِيهِ اسْمًا فِي إِسْرَائِيلَ. لَمْ يَشَأْ أَنْ يَقُومَ لِي بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ.فَيَدْعُوهُ شُيُوخُ مَدِينَتِهِ وَيَتَكَلَّمُونَ مَعَهُ. فَإِنْ أَصَرَّ وَقَالَ: لاَ أَرْضَى أَنْ أَتَّخِذَهَا.تَتَقَدَّمُ امْرَأَةُ أَخِيهِ إِلَيْهِ أَمَامَ أَعْيُنِ الشُّيُوخِ، وَتَخْلَعُ نَعْلَهُ مِنْ رِجْلِهِ، وَتَبْصُقُ فِي وَجْهِهِ، وَتُصَرحُ وَتَقُولُ: هكَذَا يُفْعَلُ بِالرَّجُلِ الَّذِي لاَ يَبْنِي بَيْتَ أَخِيهِ.فَيُدْعَى اسْمُهُ فِي إِسْرَائِيلَ «بَيْتَ مَخْلُوعِ النَّعْلِ»"، وتسمى هذه الإجراءات بإسم "חליצה" – حليصاه.
    ومن ضمن التشريعات الآخرى فى هذا السفر، فنجد فى الإصحاح الثانى والعشرون، تحريم تشبه الرجال بالنساء، وفى الإصحاح الحادى والعشرون ذكر المُشرع حكم الأبن العاق بالرجم حتى الموت، فنقرأ:" وَيَقُولاَنِ لِشُيُوخِ مَدِينَتِهِ: ابْنُنَا هذَا مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لاَ يَسْمَعُ لِقَوْلِنَا، وَهُوَ مُسْرِفٌ وَسِكِّيرٌ.فَيَرْجُمُهُ جَمِيعُ رِجَالِ مَدِينَتِهِ بِحِجَارَةٍ حَتَّى يَمُوتَ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ بَيْنِكُمْ، وَيَسْمَعُ كُلُّ إِسْرَائِيلَ وَيَخَافُونَ".
  وحرم على اليهود زراعة صنفين فى حقل واحد واستخدام صنفين من الحيوانات فى حراثة الحقل، وكذلك لبس ملابس مصنوعة من صنفين.
    وفى تشريعه للميراث خص الأبن البكر بنصيب إثنين، وأوصى المشرع التاجر بألا يبخس فى الميزان، فنقرأ:" وَزْنٌ صَحِيحٌ وَحَقٌّ يَكُونُ لَكَ، وَمِكْيَالٌ صَحِيحٌ وَحَقٌّ يَكُونُ لَكَ، لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ.لأَنَّ كُلَّ مَنْ عَمِلَ ذلِكَ، كُلَّ مَنْ عَمِلَ غِشًّا، مَكْرُوهٌ لَدَى الرَّبِّ إِلهِكَ".
    أما الإصحاح الحادى والعشرون فسمح به المشرع بزواج الرجل اليهودى من سبايا الحرب، بشرط أن تحلق شعرها وتقلم اظافرها وتنزع ما كانت تلبسه من ملابس وتمكث شهرًا فى منزل اليهودى قبل الزواج بها، تبكى فى هذا الشهر أباها وأمها.

"التثنية واللعنات "
   ينتقل السفر بالحديث عن أثنتا عشر لعنة، فى الإصحاح السابع والعشرون وهذه اللعنات على كل من يعمل تمثالًا، وعلى من يبخل الوالدين، وعلى من يزيل العلامات التى تحدد حدود ملكية الغير، وعلى من يضل الأعمى، وهكذا إلى آخره، أى أن كل تلك اللعنات على من يُخالف شريعة الرب وأوامره.
   فنقرأ:" ثُمَّ كَلَّمَ مُوسَى وَالْكَهَنَةُ اللاَّوِيُّونَ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ قَائِلِينَ: «اِنْصِتْ وَاسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الْيَوْمَ صِرْتَ شَعْبًا لِلرَّبِّ إِلهِكَ.فَاسْمَعْ لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِكَ وَاعْمَلْ بِوَصَايَاهُ وَفَرَائِضِهِ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ».
   ثُمَ تبدأ اللعنات بكلمة "ملعون"، فنقرأ:" مَلْعُونٌ مَنْ يَسْتَخِفُّ بِأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ.مَلْعُونٌ مَنْ يَنْقُلُ تُخْمَ صَاحِبِهِ. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ". إلى أخر الإصحاح.

"التثنية والبركات"
   وفى الإصحاح الثامن والعشرون، مجموعة من البركات التى تَحل على من يتبع أوامر الرب، الحافظين لوصاياه.
فنقرأ: " «وَإِنْ سَمِعْتَ سَمْعًا لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِكَ لِتَحْرِصَ أَنْ تَعْمَلَ بِجَمِيعِ وَصَايَاهُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ، يَجْعَلُكَ الرَّبُّ إِلهُكَ مُسْتَعْلِيًا عَلَى جَمِيعِ قَبَائِلِ الأَرْضِ".
ثم يبدأ البركات بكلمة "مبارك"، فنقرأ:" مُبَارَكًا تَكُونُ فِي الْمَدِينَةِ، وَمُبَارَكًا تَكُونُ فِي الْحَقْلِ.وَمُبَارَكَةً تَكُونُ ثَمَرَةُ بَطْنِكَ وَثَمَرَةُ أَرْضِكَ وَثَمَرَةُ بَهَائِمِكَ، نِتَاجُ بَقَرِكَ وَإِنَاثُ غَنَمِكَ". إلى أخر الإصحاح.

وبعد تلك الشرائع والوصايا، يذكر السفر حديثًا طويلًا لموسى –عليه السلام-، يوجه فيه نصائح لبنى إسرائيل بالتمسك بشرائع الرب، وينتهى حديثه ويعلن أن الذى سيخلفه هو يشوع بن نون الذى اختاره الرب ليكون على رأس بنى إسرائيل من بعده.
  وفى الإصحاح الحادى والثلاثون، يُقرر السفر أن موسى –عليه السلام- كتب التوراة وسلمها إلى الكهنة لتوضع بجانب تابوت العهد وأوصى ان تُحفظ؛ لأنه يعرف أن بنى إسرائيل شعب متمرد، إذ أنهم خالفوا الرب فى حياته، فبالأحرى بعد موته ماذا سيحدث؟! 

    يذكر كاتب السفر فى الإصحاح الثانى والثلاثون، بإن موسى –عليه السلام- أنشدَ نشيدًا للرب يمتدح فيه الرب وشريعته، فنقرأ:" «اِنْصِتِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ فَأَتَكَلَّمَ، وَلْتَسْمَعِ الأَرْضُ أَقْوَالَ فَمِي.يَهْطِلُ كَالْمَطَرِ تَعْلِيمِي، وَيَقْطُرُ كَالنَّدَى كَلاَمِي. كَالطَّلِّ عَلَى الْكَلاءِ، وَكَالْوَابِلِ عَلَى الْعُشْبِ.إِنِّي بِاسْمِ الرَّبِّ أُنَادِي. أَعْطُوا عَظَمَةً لإِلهِنَا.هُوَ الصَّخْرُ الْكَامِلُ صَنِيعُهُ. إِنَّ جَمِيعَ سُبُلِهِ عَدْلٌ. إِلهُ أَمَانَةٍ لاَ جَوْرَ فِيهِ. صِدِّيقٌ وَعَادِلٌ هُوَ"، إلى أخر الإصحاح.
    ويقول موسى على لسان الرب، فنقرأ:" اُنْظُرُوا الآنَ! أَنَا أَنَا هُوَ وَلَيْسَ إِلهٌ مَعِي. أَنَا أُمِيتُ وَأُحْيِي. سَحَقْتُ، وَإِنِّي أَشْفِي، وَلَيْسَ مِنْ يَدِي مُخَلِّصٌ.إِنِّي أَرْفَعُ إِلَى السَّمَاءِ يَدِي وَأَقُولُ: حَيٌّ أَنَا إِلَى الأَبَدِ".
    ثُمَ تأتى مُباركة موسى –عليه السلام- للأسباط بنى إسرائيل فى الإصحاح الثالث والثلاثون.
     يَذكر السفر أن موسى بلغ المائة والعشرون من عُمره، ويختتم السفر بالإصحاح الرابع والثلاثون؛ حيث يذكر موت موسى –عليه السلام-، وفيه نقرأ أن مكان قبره لا يعرفه أحد، فنقرأ:" فَمَاتَ هُنَاكَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ فِي أَرْضِ مُوآبَ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ.وَدَفَنَهُ فِي الْجِوَاءِ فِي أَرْضِ مُوآبَ، مُقَابِلَ بَيْتِ فَغُورَ. وَلَمْ يَعْرِفْ إِنْسَانٌ قَبْرَهُ إِلَى هذَا الْيَوْمِ"، وهذا يدل على أن السفر كُتبَ بعد موسى بعدة قرون. 

    والجدير بالذكر أن فكرة "مركزية العبادة" (أى تخصيص مكان واحد فقط للعبادة وتقديم القرابين وممارسة الطقوس به)، لا تنتمى لعصر موسى بل بعده بعدة قرون، فنجد أن نبيًا مثل النبى "إيليا" حوالى القرن التاسع ق.م، يقيم مذبحًا للإله على جبل الكرمل وفقًا لما ورد فى سفر الملوك الأول الإصحاح 18. 

   وبهذا السفر يكون قد أنتهى الجزء الأول من العهد القديم وهو التوراة، ولكن بعض العلماء يضيفون إلى هذا الجزء سفر يشوع، وهو موضوعنا القادم.
  وإضافة إلى ذلك أن التراث اليهودى الذى كتب فيما بعد، يُمكن ان يُقال عليه، إنه تكملة لسلسة الروايات التى وردت فى التوراة مما يوحى أن هناك فاقدًا فى النصوص، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر، ما ذكر فى الهجاداه عن قوم نوح وعن إبراهيم والأصنام فى موطنه الأصلى.
  وسنعرف كيف أخذت العنصرية والعنف والقومية شكلًا مركزيًا فى أسفار العهد القديم.


تعليقات

المشاركات الشائعة