تابوت العهد وتجسيد الإله ما بين المباح والمحظور
كتب: منة الله عامر
للرموز
الدينية أهمية بالغة فى كل الأديان ولكنها فى اليهودية فتدل على مدى تناقض اليهود فحسب
ما ورد ذكره في الوصايا العشر؛ فأن تجسيد الإله أو تصوير الرب فهو فعل مُحرم وذلك وفقاً
لما ورد فى سفر الخروج الإصحاح (19: 4 – 5)، "لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا،
وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ،
وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ. لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ،
لأَنِّي أَنَا الرَّبَّ إِلهَكَ إِلهٌ غَيُورٌ".
بالرغم مِنْ أن
العقيدة اليهودية تنص على تحريم التجسيد وتؤكد على رفض عبادة الأوثان والأصنام وعلى
تحريم استخدام التماثيل والصور في المعابد الدينية لتخليد ذكرى آباء بني اسرائيل والأنبياء
ورجال الدين؛ إلا أن التقاليد اليهودية حرصت على جمع شعارات لها ورموز لتخليد ذكرى
ذكريات بني اسرائيل التى لها مغزى دينى مقدس، والجدير بالذكر أن تلك الرموز عرفتها
سائر الشعوب والأديان الآخرى؛ بحيث اصبحت أهم الملامح المميزة للعقيدة اليهودية منذ
أقدم العصور.
حاول حاخامات اليهود تفسير هذا التناقض؛ بإن العقيدة اليهودية
تنص على تحريم الإعتقاد بإن الإله له صورة معينة وتعتبر بإنه روح صافية مُنزهة عن الذات
والصفات، إلا أن الرموز والشعارات تساعد على الاستمتاع بالحياة وعلى إدراك العلاقات
الإنسانية والأمانى والعواطف وخاصة إذا كانت على صورة من صور الرموز الدينية، لذلك
نجد لكل مناسبة يهودية رمز ديني يساعد على إدراك مغزاها.
استكمالاً لتابوت العهد وكما ذكرنا سلفاً يعتقد اليهود أن
روح الإله تسكن به، وأن الرب كان يتحدث إلى موسى بالوصايا والأوامر من فوق غطاء التابوت،
كما ذُكر في سفر الخروج (25:22 ) .
أما مكانه فكان فى قُدس أقداس الهيكل، ووضع فى التابوت بعض
"المنّ" (طعام الصحراء) و"عصا هارون" و"لوحا الشهادة
" ثم وضع بعد ذلك كتاب التوارة.
أما تابوت الشريعة " הֵיכָל " الهيكل عند السفارديم،
تابوت القدس هو تابوت خشبى يوضع مستقلاً أو يبنى ضمن جدران المعابد اليهودية تذكرة
بتابوت العهد.
في بداية الأمر كان هذا الاصطلاح يشير إلى "تابوت العهد"
أما الآن فكلمة "تابوت" تستخدم للإشارة إلى الصندوق الذى يحتفظ فيه
"بلفائف الشريعة" أو أسفار موسى الخمسة فى المعبد اليهودى ولا يفتح إلا في
المناسبات الهامة وهو أهم الأشياء المقدسة فى المعبد اليهودي ويوضع فى اتجاة أورشاليم،
ومع مرور الزمن تحول الصندوق إلى شئ يشبه الدولاب الثابت وأصبح يشكل أهم جزء فى المعبد
وكثيرًا ما يغطى هذا الجزء بستارة ويشعلون أمامه أو بالقرب منه ما يسمى "بالمصباح
الأزلى" - "همنوراه".
ومن الواجبات التى تجب مراعاتها عدم النوم بجوار "تابوت
القدس"، أو مواجهته عند الجلوس، ويراعى تزيينه وتجميله بكسوة جديدة، ووضع صورة
الألواح الشهادة به، ومن الآداب أيضًا، الوقوف الدائم طالما كان التابوت مفتوحًا عند
اخراج كتاب التوراة من داخله، كما يحذر من تركه خاليًا من كتب التوراة ،وفى هذه الحالة
لابد من وضع سراج مضئ داخله.
وينشد الشعر الغنائى وتقام الصلوات عندما يكون التابوت المقدس
مفتوحًا وهذا يعنى أن هناك أتصالًا مباشرًا بالرب.
لذلك اعتاد بعض اليهود الدخول إلى المعبد وفتح تابوت المقدس
وادخال رأسهم بين كتب التوراة والبكاء والتوسل إلى الرب للخلاص من المحن والكرب، كما
يعتقدون، وهكذا صار التابوت مكانًا يحل به الرب بين جماعة بني اسرائيل قديمًا،
وهذا التابوب لا وجود له حاليًا في دولة الاحتلال.
تعليقات
إرسال تعليق