التفلين والصلاة
كتب: منة الله
عامر
على مَر العصور كانت جماعة
بنى إسرائيل الأكثر عصياناً لأوامر الرب وأحكامه، بنص العهد القديم وكما يُعرف
إنهم لابد من أن يجدوا رمز ظاهر مملموس لكى يطمئن قلوبهم وللذلك نجد أن لديهم
العديد من الرموز الدينية التى تارة تُجسد الرب وتارة تذكرهم بتاريخهم مع الآباء، للذلك
قرر حاخامات يهود أن يفسروا ما ذكر فى سفر التثنية (6:8 ) " وأربطها علامة
على يدك ولتكن عصائب بين عينيك "،
على إنه " تفلين " "תפלין " وهو أداة للعبادة
عبارة عن صندوقين صغيرين يُصنعان مِنْ جلد الحيوانات " الكوشير "
ومُدون داخلهما برقائق صغيرة بأربع فقرات مِن التوارة، تبدأ الأولى ب (تقدس لى ) سفر الخروج ( 2:13).وتبدأ الثانية ب (كان أن أخرجكَ ) سفر
الخروج ( 8:13 ) وتبدأ الثالثة ب (الشماع ) سفر التثنية ) 6:9 ) " وتعتبر أيات التوحيد فى اليهودية، وتبدأ
الرابعة ب (فإذا أطعتم ) سفر التثنية ) 13:11
(.
وهناك علاقة بين كلمة
" تفلين " وكلمة " تفيلا "
فتفيلا تعنى " الصلاة بالعبرية"، ويستخدم التفلين أثناء الصلاة، والصندوق
الأول يُسمى " תפילה של ראש " أى الجزء الخاص بالرأس ويوضع فى مُقدمة الرأس بين
العينين على الجبهة بشريط من الجلد كعصابة حول الرأس ويسمى هذا الشريط الجلدى ب
" رصوعا " ويربط حول الرأس على شكل حرف الدال العبرية " ד "، وفى هذا
التفلين المُخصص للرأس خلاصة العقيدة اليهودية فتحتوي على: قبول مملكة السماء،
أيات التوحيد والخروج من مصر الذي يرمز إلي تجديد روح اليهودية للذلك فسر
الحاخامات الأمر الإلهى على إنه تفلين يوضع بين العينين ليحفظه.
أما الصندوق الثانى فهو
مُخصص لليد ويُسمى " תפילה של ראש
" ويوضع على اليد اليُسرى
ويربط بشريط طويل من الجلد " رصوعا " وتحتوي علي بيت واحد يوضع به رق
واحد من الجلد مكتوب عليه أربع فقرات من التوراة كما ذكرنا.
توضع التفلين
أثناء صلاة " الشحرايت - שַׁחֲרִית " (الفجر) فى الأيام العادية، وتُزال بعدها
مُباشرة، ولا توضع فى الأعياد وأيام السبت، كما توضع أيضاً فى صلاة " المنحاة
מִנְחָה" من أيام الصوم وهى وصية خاصة بالرجال دون النساء.
مِنْ شروط وضع التفلين
أن يحترم قُداستها، وأن يحافظ على عدم إخراج ريح مِنْ جسده أثناء وضعها ولذلك لا
توضع للأطفال دون سن البلوغ، ويجب إرتداء "الطاليت " معها أثناء الصلاة.
(الطاليت: هو ثوب يرتديه اليهود من الأرثوذكس والمحافظين وتعنى "شال أو عباءة
أو وشاح، سنتحدث عنه بالتفصيل فى تقرير آخر).
يؤكد التلمود على أهمية
وضع التفلين فى الصلاة وجاء أن الرب نفسه يرتدى التفلين حينما يسمع أيات التوراة، أعتمد
الحاخام اليهودى فى فرضه " التفلين " على فهم حرفى ظاهرى لنص التوراة،
وواضح أن المُراد هو المعنى المجازى وهو التمسك بها كما يتمسك الإنسان بالشئ
الثمين، والإهتداء بها كما يجعل الإنسان العلامة التى تهديه أمام عينه دائماً، وفى
موضع آخر ذكر أن لبس " التفلين " له فوائد تربوية فهى تذكر بأن الرب
أخرج بنى إسرائيل من مصر (بيت العبودية )، وللمحافظة على وصايا التوارة بشكل
ملموس.
وجرت العادة أن يُنقش
على التفيلا الخاصة بالرأس شكلان للحرف الأبجدى العبرى الشين "ש " وتنقش الشين
على الصندوق الأول الخاص بتفيلن الرأس بثلاث رؤوس كما هو معتاد فى الكتابة العبرية
أما التفلين الخاص باليد فتنقش الشين بأربعة رؤوس، والرؤوس السبعة لحرف الشين
تُشير إلى المرات السبع التى تَلف بها التفيلا الخاصة باليد على الذراع، والشريط
الخاص لتفيلا اليد يُلف حول الأصبع الأوسط، مرة حول العظمة الوسطى ومرة حول العظمة
السفلي ثم حول المعصم الأعلى لكى يكون حرف الشين ثم يتم تلاوة هذه الفقرة " وَأَخْطُبُكِ لِنَفْسِي
إِلَى الأَبَدِ. وَأَخْطُبُكِ لِنَفْسِي بِالْعَدْلِ وَالْحَقِّ وَالإِحْسَانِ وَالْمَرَاحِمِ.
أَخْطُبُكِ لِنَفْسِي بِالأَمَانَةِ فَتَعْرِفِينَ الرَّبَّ." سفر هوشع (20-19:2).
والحروف الثلاثة الشين
والدال وحرف الياء (الذي يشكل عقدة شريط اليد اليسرى)هى أحد أسماء الرب فى
اليهودية "شداى"، وهى عملية رمزية يقصد بها أن يكون الشخص أكثر ألتصاقاً
بالرب بهذه الطريقة.
ويزال " التفلين
" بعد الصلاة بنفس الترتيب الذى وضع به، فتفك لفافات الأصبع أولاً، ثم "
تفيلين " الرأس ثم لفات الساعد والذراع ثم الحافظة ثم الطاليت أخيراً.
تعليقات
إرسال تعليق