مدينة السلام א

    كتب: منة الله عامر
      
      هل تسألت يومًا ما هو الهيكل الذي يَجن به اليهود والصهاينة، وما هى حقيقته، هل سألت نفسك أو شككتَ في أي يوم أن فلسطين هى حق لليهود! هل عرفت الإجابة! إذا كانت إجابتك "لا" فهذا التقرير لكَ، وإذا كانت إجابتكَ "نعم" فأنتَ مُرحبًا بك هنا أكثر مما تتخيل، سنأخذك في رحلة بسيطة عبر عصور قديمة لتعرف الإجابة بنفسك، وتحددها وتحكم عليها.  


  
    تحدثنا في تقرير سابق لنا  أن فلسطين لم تكن الخيار الأول لقيام دولة تضم اليهود، بل طُرحت دول أخرى مثل: المجر والارجنيتن وغيرهم، لتكن دول الاحتلال الخاصة بهم، إذا ماذا حدث ليتحول كل الاهتمام وينصب على فلسطين؟ 

يزعم الإسرائيلين أن أنقاض هيكل سليمان أسفل المسجد الأقصى، وكما أن لأرض فلسطين مكانة خاصة في كتابهم المقدس العهد القديم، لذلك تحول أهتمامهم إلى فلسطين، ليعلنوا في النهاية إنها هى  أرض أجدادهم التي لابد ان يعودوا لها، وهى حقُ لهم، ولن ينسوا قط هيكل سليمان، وهكذا أتخذت عمليات القتل والاستيطان والاحتيال والسرقة ثوبًا دينيًا ظاهريًا فقط، سياسيًا استعماريًا بكل الصور.


لن نسرد لكم قضية الهيكل وما هو، ولكن سنوجز بشكل مختصر جدًا، أن هيكل سيلمان هو بمثابة معبد كبير كان هو المعبد الرئيس الذي تُقام به الصلوات وتُقدم به القرابين والأضحيات وبعد دماره الأخير عام 70م على يد تيتوس الإمبراطور الروماني، توقف تمامًا تقديم القرابين، لأنه حسب المعتقد اليهودي، لا يجوز تقديم القرابين للرب إلا من خلال هذا الهيكل.
إذا فماذا سنعرض في هذا التقرير؟ سنفند فقط المزاعم الإسرائيلية حول وجود هيكل سيلمان أسفل المسجد الأقصى، ونتتبع إذا كانت القدس عربية أم يهودية كما يزعمون. فهيا بنا...

مكان الهيكل
   لا يوجد في النصوص العبرية التى تتناول الهيكل نصًا واحدًا يحدد مكان بناءه بالتحديد، وتشير النصوص فقط إلى مدينة أورشاليم، وصهيون اسم جبل، التى تستخدم كناية عن أورشاليم، ونذكرهنا بعض الأدلة التى تدحض ادعاءات المصادر اليهودية بشأن هذه المدينة، وهى أدلة على المصادر اليهودية ذاتها، فكلمة "أورشاليم" ليست عبرية، بل كنعانية وأصلها "أور سالم"، بمعنى مدينة سالم أو مدينة السلام؛ حيث كانت محط القوافل التجارية فإذ وصلتها كانت آمنة تنعم فيها بالسلام، ويشهد كتاب العهد القديم على عربية هذا الاسم، وأنه ليس عبريًا، فقد ورد الاسم "أورسالم" في التوراة 656 مرة بدون الياء التي بعد اللام، وهى الصيغة العربية، ولم ترد إلا أربع مرات "يورشاليم" بياء بعد اللام، أي بصورتها "على وزن المثنى" في اللغة العبرية، وهذا يدل على أن الاسم في الأصل هو أور سالم، أي مدينة السلام أو سالم، وهو اسم عربي.



تسمية القدس
أما تسميتها بالقدس؛ فقد رافقت المدينة منذ بداية تاريخها، أي قبل دخول العبريين وغزوهم للبلاد، عندما أقيمت فيها لأول مرة، أماكن مقدسة خاصة بالعبادات القديمة، وقد ورد هذا الاسم في أسفار العهد القديم، في سفر اشعيا (48: 2)، سفر نحميا (11: 1)، بالاضافة إلى الاسم العربي الأخر (مدينة السلام)، ويبوس نسبة لليبوسيين، سكان أورسالم أيضًا.
أما لفظ صهيون؛ فيرجع إلى أن اليبوسيين، سكان أور سالم، كان لهم حصن منيع على الرابية الجنوبية الشرقية من المدينة، يُطلقون عليه اسم صهيون، تم إنشاؤه لحماية مدينتهم والدفاع عنها، وصهيون لفظ كنعانين وليس عبريًا ولا يعرف معناه على وجه الدقة.
وقد ظل حصن "صهيون" منذ أن شيد -لا يعرف تاريخ تشييده بالضبط- ظل هو وأور سالم في حوزة أصحابه اليبوسيين، حتى تم غزو داود لهما، والاستيلاء على هذا الحصن بدافع عسكري بحت، دون أن يكون له أي محتوى ديني، أوترابط غيبي، والثابت في نصوص العهد القديم أن داود غير اسم الحصن ونسبه لنفسه؛ حيث سماه "مدينة داود"، فقد ورد:"وأقام داود في الحصن وسماه مدينة داود".

وهكذا يتضح لنا أن أسماء المدينة الرئيسة كانت سابقة للوجود الإسرائيلي فيها، كما لا يمكن بحال من الأحوال رد هذه الأسماء إلى اللغة العبرية؛ إذا هى سابق كذلك على ظهور اللغة، فضلًا عن أن اللغة العبرية ذاتها آرامية ذات أصل كنعاني، وهو ما يؤكده سفر التكوين الاصحاح العاشر، أما ما يوجد من تشابة بين هذه الأسماء وجذور بعض الألفااظ في العبرية؛ فمرده إلى الأصل السامي لهذه الجذور.

عروبة أورشاليم
أما بالنسبة لعروبة المدينة "أورشاليم"؛ فيؤكد ذلك كتاب العهد القديم نفسه، فقد ورد فيه:"وَأَمَّا الْيَبُوسِيُّونَ السَّاكِنُونَ فِي أُورُشَلِيمَ فَلَمْ يَقْدِرْ بَنُو يَهُوذَا عَلَى طَرْدِهِمْ، فَسَكَنَ الْيَبُوسِيُّونَ مَعَ بَنِي يَهُوذَا فِي أُورُشَلِيمَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ". سفر يشوع (15: 63).  
وكذلك:" وَحَارَبَ بَنُو يَهُوذَا أُورُشَلِيمَ وَأَخَذُوهَا وَضَرَبُوهَا بِحَدِّ السَّيْفِ، وَأَشْعَلُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ وَبَعْدَ ذلِكَ نَزَلَ بَنُو يَهُوذَا لِمُحَارَبَةِ الْكَنْعَانِيِّينَ سُكَّانِ الْجَبَلِ وَالْجَنُوبِ وَالسَّهْلِ.....وَبَنُو بَنْيَامِينَ لَمْ يَطْرُدُوا الْيَبُوسِيِّينَ سُكَّانَ أُورُشَلِيمَ، فَسَكَنَ الْيَبُوسِيُّونَ مَعَ بَنِي بَنْيَامِينَ فِي أُورُشَلِيمَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ". سفر القضاة (1: 8 -21).

هذا والمتأمل في نصوص العهد القديم، يجد أن داود عليه السلام يتخذ سراري ونساء من أورشاليم العربية بعد مجيئه من حبرون(الخليل)، وولد له بنات وبنين، فقد اندمج داود مع اليبوسين سكان أورشاليم الأصليين وصاهرهم، وأنجب من نساء أورشاليم "شموع"، و"شوباب"، و"ناتان" و"سليمان" ولي عهده، ووارث ملكه.

وتذكر الموسوعة اليهودية "אוצר ישראל" أن مدينة أورشاليم تقع في الناحية الجنوبية الشرقية من الهيكل، وهذا معناه أن الهيكل كان خارجًا عن حدود المدينة.
ومن ذلك يتضح أن المدينة التي يزعم اليهود أن الهيكل كان بها، ليس يهودية، إنما عربية بشهادة المصادر اليهودية نفسها، وورد أيضًا في العهد القديم اعتراض الملك "جشم" ملك قيدار، مع ملوك مجاورين له، على تصرفات اليهود بشأن القدس والهيكل عام 450 ق.م، وهو اعتراض مدون في سفر نحميا لمن أراد الاستزداة.
في التقرير القادم سنفد معًا هل بُنىَّ المسجد الأقصى على أنقاض الهيكل أم لا. 


المراجع المستعملة: ولِمَنْ يريد الاستزادة..
هيكل أورشاليم، د.سامي الإمام رحمه الله.
العهد القديم.
انسكلوبديا مقرائيت، אנצקלופדיה מקראית
موسوعة אוצר עשראל

تعليقات

المشاركات الشائعة