المرأة في التشريعات اليهودية

 

 

كتب: منة الله عامر


      شغلت المرأة حيزًا كبيرًا في الفكر اليهودي، وذلك لكونها سببًا من أسباب خروج سيدنا آدم -حسب زعمهم- من الجنة، لذلك شرع حاخامات اليهود لعنات عشر تصيب المرأة جراء تلك الفعلة طوال حياتها، ألا وهم:

- احتياجها الدائم لزوجها. 2. دم العذرية. 3. العادة الشهرية.  4. الحمل وآلامه. 5. تحكّم الرجل عليها. 6. آلام الولادة. 7. عبء تربية الأبناء 8. غطاؤها وكأنها محتدّة. 9. التزام بيتها كسجن. 10- نبذ الرجال لها.

UnOrthodox

ولاية الأب على الابنة:

تخضع الفتاة قبل أن تتزوج لسلطة الأب، فهو الذي يستطيع أن يزوجها للشخص الذي يختاره دون أن يستشيرها، فصرح موسى بن ميمون في كتابه "משנה תורה- مشناه توراة"، ما يلي:"يزوج الأب ابنته دون إرداتها طالما كانت صغيرة، وحينما تصبح فتاة فهو يملك أيضًا؛ التصرف في أمرها"، وقد خرج بهذا الحديث من خلال سفر التثنية؛ حيث ورد به،"لقد زوجت هذا الرجل من ابنتي" سفر التثنية (22: 16).

فالبنت قبل سن الثانية عشر والنصف، تكون مِلك لأبيها، (نعم ملكية)، وولاية كاملة، فيزوجها لمن يختار دون، الرجوع إليها، وقد ورد أيضًا في التلمود البابلي، "الأب يخطب لابنته، ولا تخطب الأم لابنتها"، תלמוד בבלי، סוטה، (23: 62).

ويحث للأب أن يبيع أبنته كأمة، فنقرأ في سفر الخروج:"إذا باع رجل ابنته كأمة، فإنها لا تطلق حُرة كما يطلق العبيد"، (21: 7). (لكن هذا التشريع لم يعد يحدث حاليًا؛ نظرًا لربطه بتشريع سنة اليوبيل).

فتظل الابنة في ولاية أبيها، إلى أن تتزوج فتصبح بعد ذلك في ولاية زوجها.

المرأة جارية للرجل:

وكما ذكرنا بإن حسب ما يدعون بإن المرأة سبب خروج آدم من جنة عدن، فإنها ستظل في وضع متدني، وحالة مزرية وإهمال، فرتب حكماء التلمود اللعنات العشر التي تصاحب المرأة في مجموعات أخرى، سنذكر منها واحدة فقط:  

فلأن الحيّة أغوت حواء للأكل من ثمرة شجرة المعرفة فأكلت وقدّمت لآدم فأكل فطردا من الجنة كتب الرب عليها مصيرًا يمثله حروف كلمة حيَّة بالعبرية (נחש: نَحَشْ: مقابلها العربي (حَنَشْ)، والمقصود ثلاثة ابتلاءات يبدأ كل منها بحرف من حروف كلمة (نَحَشْ)، أي ابتلاء يبدأ بحرف النون وهو في العبرية נידה الدورة الشهرية (العادة الشهرية)، وابتلاء يبدأ بحرف الحاء وهو في العبرية חלה : التعب/الكَبَد،

وأخيرًا ابتلاء يبدأ بحرف الشين وهو في العبرية שבת: الالتزام بترتيب أنوار السبت (كونه يوم مقدس).  

وقد ترتب على ذلك اضطهاد للمرأة لا يخفى في جميع التشريعات اليهودية ابتداء من ضلوع حواء في قصة الخلق بالتوراة في إغواء آدم بالأكل من الثمر المحرم بعدما أغوت الحيّة حواء بالأكل أولًا.

بعض حاخامات اليهود، شبة المرأة بالحية أيضًا!  

وكان نتيجة لذلك أن المرأة في اليهودية لجأت إلى تعلّم السحر لتتصدّى لاضطهاد الرجل به وتخيفه من انتقامها! ولذلك نجد نساء تعلمن السحر ووردت سيرتهن في التوراة، مثل: "ساحرة عين دور" التي استحضرت روح النبي صموئيل.  

لذلك أشيع أن المرأة شرّ مستطير حينما تكون في دورتها الشهرية وفي ذلك كثير من حكايات السحر الذي أخاف الرجل اليهودي في العصور القديمة، من ذلك: إذا مرّت الحائض بين رجلين، وكانت في بداية الحيض، فإن مرورها يسبب موت أحد الرجلين, وإذا كانت في نهايته فإن شجارًا سوف يحدث بينهما.

لذا توضع المرأة عند بعض المشرعين اليهود في مكانة متدنية لدرجة تجعلك تظن أنهم لا يعدونها من بني البشر. وجعلوا بعض أحكام السلوك التي تسري عليها هى تلك التي تطبق على الكلاب والخنازير، تلك المخلوقات التي تعتبر رمزًا للنجاسة.  

يقول الفقيه اليهودي "يوسف كارو"،عن المرأة

يجب الحذر بألا يمرّ رجل بين امرأتين، ولا بين كلبين، ولا بين خنزيرين، وكذلك لا يسمح الرجال بمرور امرأة  أو كلب أو خنزير بينهم.  

وقد كانت مكانة المرأة المتدنية في اليهودية سببًا في المشقّة؛ فمن الواجبات الملقاة على عاتقهنّ:  

تقوم المرأة بخمسة أعمال لزوجها، هى: الغزل، وغسل وجهه ويديه ورجليه، وصب الخمر له، وترتيب فراشه، وتمكينه من مضاجعتها (في أي وقت شاء).  

بالإضافة إلى ستة أعمال أخرى بعض النساء يقمن بها وبعضهن لا يقمن بها، الطحن والخَبز والطبخ والغَسل والإرضاع وتقديم التبن للبهائم.

وهنا يمكننا عقد مقارنة بين نص في الجمارا/الشروح التكميلية يصف الأعمال الحقيرة التي يقوم بها العبد، لسيده، والتي بموجبها يكون ملكًا له، وبين ما تقوم به الزوجة؛  

فيخلع نعل سيده ويحمل أغراضه إلى المرحاض ويجرده من ملابسه ويغسل جسده.

ونلاحظ أن القيام بغسل جسد السيد هى وظيفة قد تناسب العبد في الزمن القديم، ومع ذلك تأتي ضمن الأعمال الخمسة التي تجب على الزوجة اليهودية القيام بها حيال زوجها. ولذلك لم يكن من الغريب أن يقرن الحكماء في مواضع عدة بين المرأة والعبد.

كل وصيّة واجبة على المرأة، واجبة على العبد، وكل وصيّة غير واجبة على المرأة لا تجب على العبد.

ومن ضمن الأعباء الثقيلة الملقاة على عاتق المرأة ضرورة استجابتها لرغبات الزوج الجسدية في أي وقت يشاء، حتى لو لم تكن على استعداد لذلك، أو لم تكن لديها الرغبة بمانع أو بآخر في رأي. فلا يجوز لها الإعراض عن رغبات الزوج. فطاعة الزوج مقدمة على تنفيذ الوصايا الدينية.

ويجب على المرأة طبقًا للتشريعات أن تتجنب إغضاب زوجها؛ لأن ذلك ينطوي على مخاطرة جسيمة، للدرجة التي جعلت المشرّعين يعفونها من فروض عبادة الرب؛ لكي تتفرغ تمامًا لمتطلبات الزوج. فها هو الراب "دڤيد أبو درهم" يعلل إعفاء النساء من وصايا "أفعل":"

(سبب إعفاء النساء من الفروض الدينية أن المرأة مستعبدة لزوجها لتلبية احتياجاته، وإذا كان لديها ضرورة مٌلّحَة لأداء فرض ديني ما يجوز للزوج أثناء تأديتها لهذا الفرض، أن يأمرها بعمل ما وعليها الانصياع لأوامره. وينظر إلى ذلك على أنه تخفيف من المشرع مراعاة لسلامة العلاقة الزوجية).

وكل امرأة تمتنع عن أي عمل من الأعمال الواجبة عليها تجاه زوجها تُجبر على الفعل حتى ولو بالسوط، أو بمنع الطعام عنها وتجويعها!

يقول الرجل فيه دعائه: "مبارك أنت يا رب لأنك لم تخلقني وثناً ولا امرأة، ولا جاهلا"؛ بينما تقول المرأة: مبارك أنت يا رب الذي خلقتني بحسب مشيئتك".

أما في الطائفة الأرثوذكسية حاليًا أو الحريديم، فقبل حفل الزفاف تقوم المرأة بحلق شعرها كاملًا، وترتدي بدلا منه شَعرٍ مُستعار(باروكه)، وهذا تعبير عن إنها تتخلى عن ما تملكه من إغراء وإغواء ومصدر جمالها، فهى ستتزوج، فلا حاجة لها به بعد ذلك! (ستجدوا هذا في مسلسل من إنتاج شكبة نيتفليكس، اسمه "unorthodox"

هذا نموذج لفكر اليهودية وحكمائها بالنسبة للمرأة؛ لذلك كانت نتيجته ما تقرر في حقها من المعاناة والنبذ والإقصاء.

ونتج عن ذلك الكثير والكثير من الأضرار على مستوى العالم أجمع.  

 

المصادر والمراجع:

العهد القديم

التلمود البابلي، תלמוד בבלי

רמב"ם - משנה תורה - הלכות אישות

الفكر العقدي اليهودي، د.سامي الإمام رحمه الله

تعليقات

المشاركات الشائعة