غطاء الرأس اليهودي
كتب: منة الله عامر
"الكيباه" أو "يَرْمُلْك" (غطاء رأس اليهودي)
כיפה تقابل في العربية "قُبة أو كفّة" وهى حسب المعتقد اليهودي نموذج مصغر من السماء/ فهي قبة للرأس أو كف الرب التي تحفظ رأس اليهودي.
لم يرد في التوراة أمر إلهي على وجوب تغطية رأس الرجل، ولكن ذكر في التلمود البابلي "وليس كفرض ديني"، بل كآداب مستحبة للاحتشام والتقوى في الديانة اليهودية، وكتعبير عن أن الحضرة الإلهية (שכינה – شخيناه) فوق الرأس (رأس الرجل اليهودي طبعًا!).
وجاء في كتاب موسى ابن ميمون، دلالة الحائرين كان كبارالحاخامات يكرهون كشف رؤوسهم؛ لأن الوجود الإلهي يحف الإنسان ويلامسه)، المقصود أن مُرتدي الكيباه هو فقط من سيشعر بالوجود الإلهي، لذلك جاء تفضيل الارتداء عن عدمه.
ذُكرت في موضع أخر من التلمود البابلي قصة تمنح غطاء الرأس دورًا رمزيًا لالتزام اليهودي تجاه الرب - (غط رأسك، لتحلّ عليك مهابة السماء) وتُمنح حماية ضد الفساد الأخلاقي.
فنقرأ في التلمود أن والدة الحاخام "نحمان بار يسحاق" أخبرها المنجمون بأن ابنها سوف يصبح لصًا. ولم تُخبر ابنها بذلك، لكنها حرصت على ألا يخرج من بيته حاسر الرأس. ولم يفهم الحاخام نحمان لماذا تصنع أمه ذلك؟ ومع ذلك اتبع تعليماتها. ذات يوم كان يقرأ تحت شجرة نخيل، فسقطت قلنسوته (أي غطاء رأسه) من فوق رأسه، فرفع رأسه في هذه الأثناء وهو بغير غطاء فرأى ثمار النخلة. ولم يتمالك نفسه فتسلق النخلة وأكل من التمر الذي لم يكن ملكه بالطبع. وبذلك وقع في خطيئة السرقة كما تنبأ المنجمون لأمه.
(طبعًا هى قصة رمزية، عشان يوصلوا
منها أن الكيباه أو غطاء الرأس هى حماية من الوقوع في الأخطاء).
وتغطية رأس الرجل في اليهودية على مستويين:
الأول: تغطية على مدار اليوم (وهناك من يحرص على غطاء الرأس حتى أثناء ساعات النوم) وذلك كما ذكرنا سابقًا، من آداب الحشمة والعفة.
الثاني: تغطية أثناء مدارسة التوراة، أو الصلاة، أو قول البركات؛ حين ذكر اسم الرب.
أما حين يكون الشخص حاسر الرأس (جاية من חסר أى بدون) فلا يسمح له أن يتفوّه بكلمة مادام يقرأ التوراة.
وحاليًا غطاء الرأس في الآونة الأخيرة مظهرًا شرعيًا، فمرتدي الكيباه يعلن بها؛ أنه ينتمي لجميع اليهود المحافظين على الوصايا، وأن الكيباه التي تعتلي رأسه تتوجه كيهودي يحافظ على نمط حياة دينية، على العكس من نمط حياة علمانية.
ومدام مرتدي الكيباه الكيباه هو شخص محافظ /أورثوذوكسي؛ فإن خلعها يدل على العكس تمامًا ويعلن عن أن الشخص تخلى عن نمط الحياة الدينية.
ويميل اليهود الأرثوذوكس (المتشددين/الحرديم) إلى ارتداء "كيباه" سوداء، فوقها قبعة تخضع لمواصفات تحددها الطائفة التي ينتمي إليها.
أما الصهاينة فيستخدمون الـ "كيبّاه" في الغالب، خاصة تلك المصنوعة من النسيج المضفور (الكروشيه) بأحجام متعددة وألوان مختلفة.
وتُحدد لون القبعة وارتفاع حافتها وعمقها وخامتها، الرتبة الدينية للشخص وانتمائه الطائفي ووضعه الاجتماعي ومدى صرامته في تطبيق الوصايا وغير ذلك.
وهناك بشكل خاص قبعة مُريدي
"برسيلاڤ" – وهى قبعة بيضاء اللون، كبيرة الحجم وعميقة، وأحيانًا تكون
مطبوعة باسم الحاخام "نحمان مبرسيلاڤ" وهو شخصية دينية مشهورة.
"نحمان برسيلاف" هو حاخام يهودي أسس حركة دينية تسمى "حسيدية برسيلاف - חסידות ברסלב"، عاش في أوكرنيا فترة ما بين (1772 – 1810)، وكان له اتباع كُثر في تلك الفترة، نشر فيها تعاليم اليهودية الحسيدية، وكما يُقال عرف ماهية الرب.
نعود للكيباه ثانية:
فكانت الكيباه المطرّزة أساسًا للشباب والكبار، لكن الأطفال واصلوا ارتداء كيباه من القماش المزركش بنسيج على صورة أزهار، وكتابة (طفل حسن) أو مزينة بصور سور المدينة القديمة بأورشليم إلى جوار تطريز كلمة (أورشليم).
وهناك طائفة السامريين يرتدون على رؤوسهم طربوش أحمر اللون ينتهي عند مركزه العلوي بشرابة سوداء كثيفة، وهذا الطربوش هو الذي يميز الذين ينتمون إلى هذه الطائفة. (وعددهم قليل جدًا، ويعيشون في السامرة - فلسطين).
المصادر والمراجع:
תלמוד בבלי – מסכת שבת – דף קנו עמ"ב
רמב"ם – מורה הנבוכים – חלק שלישי – פרק נב – מהדרות הרב יוסף קאפח
الفكر العقدي اليهودي، موسوعة الجيب، د.سامي الإمام رحمه الله.
تعليقات
إرسال تعليق