حجاب المرأة والعصر
ينبغي التفريق بين تعاليم الإسلام الواضحة في صيانة وحماية المرأة وبعض التقاليد البالية والعادات السيئة التي تعوق تقدم المرأة وتقف حائلًا بينها وبين حقها في التعليم والعمل في بعض المجتمعات الإسلامية، فهذه ليست من الإسلام في شيء، إن الإسلام الذي كرم المرأة يهمه أن تنمي المرأة شخصيتها، فذلك من شأنه أن يجعلها أقدر على تربية أولادها وبناتها والإسهام في بناء جيل قوي يعمل على تطوير ذاته ومجتمعه وتقدمه وازدهاره.
نذهب إلى مَنْ يقول إن الحجاب ليس فرضًا وأنه لا توجد
آية صريحة في القرآن تشير إلى إنه فرض على المرأة، ولكن قبل الذهاب إلى ذلك، دعوني
اطرح سؤال على أذهانكم، إذا لم يكن الحجاب فرضًا، فلماذا عندما تصلي المرأة لابد
أن تغطي رأسها وجسدها؟ ولماذا عندما دخل الأجانب إلى مسجد أو كنيسة يغطوا رؤوسهن
حتى ولو لم يكونوا مسلمات؟ لماذا الراهبات في الأديرة في كل العالم ترتدي زيًا به
غطاء الرأس؟
ولم يقول لهم أحد إنهم -متكتفين- أو متخلفات على العصر!؟
لماذا؟ تدبر يا مسكين لتعرف!
رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنتوس، في الكتاب
المقدس، الإصحاح الحادي عشر، "احكموا في
أنفسكم هل يليق بالمرأة ان تصلي إلى الله وهي غير مغطاة"... (ستجدون اختلافات
بين النسخ في الفقرات، ولكن كلها لها المعنى ذاته).
هذا ما ورد في
الأناجيل، نعود مجددًا للإسلام، الحجاب الذي يفرضه الإسلام على المرأة لا يطلب
منها غير الاحتشام في ملابسها ومظهرها حتى لا تتعرض للمضايقات من جانب الرجل (حتى
ولو بنظرة فاحصة لها تخدش حيائها)، فالحجاب هنا صيانة للمرأة وحماية لها وليس
قيدًا عليها من شأنه أن يشل حركتها، ولا يعني الحجاب إخفاء الوجه أو إخفاء اليدين
في قفاز. فهذا ليس من تعاليم الإسلام، وإنما يرجع إلى عادات وتقاليد في بعض
المجتمعات ليس الإسلام مسئولًا عنها.
المرأة
الأوروبية حتى بدايات القرن العشرين -في الأعم الأغلب- تغطي شعرها وتلبس ملابس
طويلة، ولم يعب عليها أحد ذلك، ثم بدأت تطور من زيها حتى وصل الأمر إلى الوضع
الحالي، الذي لم يعد يلتزم بأي قواعد أو معايير، ويتغير حسب ما تقرره بيوت الأزياء!
والحجاب كما
هو من الفضائل في الإسلام هو كذلك ولا يزال من الفضائل في المسيحية -كما ذكرنا-
وعندما يستقبل بابا الفاتيكان سيدة سواء كانت زوجة لرئيس دولة غربية أو نجمة
مشهورة نجدها تغطي شعرها. كما إننا نلاحظ لبس البيت الملكي في إنجلترا وفي معظمه
يكون غير كاشف وساتر لأجسادهن.
الإسلام لا
يمنع المرأة من حقها في التعليم، بل العكس هو الصحيح وهو إنه يجعل طلب العلم فريضة
على كل مسلم ومسلمة وأمرًا واجبًا على الرجل والمرأة، وتاريخ المسلمين يعرف أسماء
الكثيرات من النساء اللاتي نبغن في علوم الدين وفنون الشعر والأدب ومختلف العلوم،
والحجاب لا يعقوها عن العمل والإنتاج، ففي كل مؤسسات الدول نجد كثيرات من النساء
في أعمار مختلفة يلتزمن بالزي الإسلامي ويمارسن أعمالهن بطريقة عادية مثل غيرهن من
غير المحجبات، فهذا الأمر ليس له أي أساس معقول.
فإن كل ما في
الأمر أن الغرب يريد أن يرى قيمهم وعاداتهم تحظى بالسيادة في كل مكان، وهذا ضد
طبيعة الأشياء، فكل أمة لها شخصيتها المتميزة ومن حق المرأة المسلمة أن تكون لها
شخصيتها وسماتها المميزة في الملبس والسلوك، كما للمرأة الهندية والأوروبية هذا
الحق أيضًا.
الحجاب فرضًا، وهو لا يعيق الفكر والإبداع والعمل، بل هو حماية للمرأة وحفاظ عليها، ومن يبرر على إنه ليس فرضًا لعدم وجود آية صريحة تعبر عن ذلك، فسيجد أيضًا مبرر لكل فعل غير أخلاقي يحدث من حوله، لعدم وجود آية صريحة تُنهي عنه في القرآن... تدبروا وفكروا ثم قولوا ما شئت ولكن على علم وليس على جهل....
وأخيرًا
بسم الله الرحمن الرحيم
أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا.
وهذه الآية الكريمة، لم تنزل فقط لزوجات النبي ولكن لنساء المؤمنين جميعهم... فتتدبروا رحمكم الله.
تحرير
منة الله عامر
مقال لدكتور محمود حمدي زقزوق، من كتاب الإسلام في مواجهة حملات التشكيك.
تعليقات
إرسال تعليق