عيد المساخر - البوريم اليهودي
كتب: منة الله عامر
"يجب أن تسكر إلى الدرجة التي لا تميز فيها بين الشرير هامان
والطيب مردخاي"... سفر إستير.
يقع عيد المساخرPurim في يومي 14 و15 من شهر آذار العبري احتفالًا
بخلاص يهود بابل وفارس (العراق – إيران) من المذبحة التي أعدها لهم
"هامان" وزير "أحشويروش" ملك الإمبراطورية الفارسية (485 –
465 ق.م)، وهو عيد غير ديني، ويعتبر عيد شكر يحتفل به في الأماكن الحصينة
على حد تعبير المصادر اليهودية، كأورشاليم ومدن أخرى.
يُسمى أيضًا بعيد البوريم، وهو مأخوذ من كلمة
"بور" وهي كلمة فارسية تترجم للعبرية إلى القرعة والنصيب أو القدر والحظ،
التي ضربها "هامان" لتحديد اليوم الذي ستنفذ فيه المذبحة، ولكن معجزة
تحدث على يد "إستير" أنقذت اليهود من الهلاك، كما وضحها بالكامل في سفر إستير.
ووفقًا لرواية سفر إستير فإن يوم 14 آذار هو التاريخ
الذي حدده هامان لتدمير اليهود، وفي ذلك اليوم انتفض اليهود على أعدائهم، وانتصروا
عليهم وانتهت المعركة في اليوم ذاته، واحتفلوا بالنصر في اليوم 15وجعلوه يوم فرحة
وبهجة، كما وضح أستاذ عمرو زكريا في كتابه "الأعياد اليهودية".
والجدير بالذكر إنه تم وضع فصل خاص بعيد البوريم ومصادره
وشرائعه في المشناه، وهو فصل "المجيلاه" وكذلك في التلمود البابلي
والأورشيلمي والتوسفتا[1]،
ويناقش هذا الفصل العادات والوصايا الخاصة بهذا العيد، وهذا الفصل موجود في باب
أعياد إسرائيل، ويجدر الإشارة إلى الصلاة الخاصة بعيد البوريم التي وضعت
في الجاؤنيم وتتم تلاوتها في الصلاة التي تتلى وقوفًا، وتبدأ هذه الصلاة بكلمة
"المعجزات".
وصايا العيد
يوضح لنا دكتور "سامي الإمام" -رحمه الله- في
كتابه "الفكر العقدي اليهودي موسوعة
الجيب" بإن من أهم الوصايا المرتبطة بهذا العيد، هي قراءة سفر إستير وهي واجبة على الجميع رجال ونساء
وأطفال وشيوخ وشباب، ولا يجدر ترك أي حرف به، وقراءة البركات قبله وبعده، وفقرة
التوراة تبدأ بكلمة "عماليق"، ويوصى بعمل وليمة فرح، وإرسال وجبات
وهدايا للفقراء.
ويُحظر ثلاثة أشياء في هذا العيد:
النواح – الصيام – القيام بأي عمل.
صيام إستير يوم 13 آذار
ومن العادات التي تسبق هذا العيد، صوم يوم قبله يُسمى
بصوم إستير، وهو ذكرى صيام إستير وجميع يهود مدينة "شوشن" التي كانت بها
القتال، قبل مجىء الملك ليلغي قرار الوزير هامان بإلغاء الحرب على اليهود.
الضرب بالآلات الموسيقية
عند تلاوة سفر إستير يمسك المصلي بالسفر في يديه ويتابع
الحاخام الذي يقرأ بصوت عال، وعند ذكر اسم هامان يقومون بالضرب على الآلات
الموسيقية، وإحداث صخب. وفي فرنسا اعتاد اليهود إمساك حجرين كتب عليهما اسم هامان
وذلك لضربهما ببعض عند سماع اسم "هامان"، وفي بعض البلدان الأخرى يكتبون
اسم "هامان" على النعال وعند سماع الاسم يقومون بطرق أقدامهم على الأرض
لمحو اسم العدو.
التنكر والأقنعة
عادة التنكر هي عادة قديمة سادت بين يهود إيطاليا وقبل
400 سنة أو أكثر كتب الحاخام "يهوذا" في كتابه الأسئلة والأجوبة، إنه سمح
للناس بالتنكر في عيد البوريم، رجال وسيدات، ذلك على الرغم من تحريم رجال الدين
الأشكناز لذلك تمامًا، أما اليوم فالتنكر يعد سمة أساسية لهذا العيد، وكذلك ارتداء
الأقنعة المثيرة لجو البهجة والسخرية والضحك، وهي سبب تسمية هذا العيد بعيد
المساخر، وقيل إن من أسباب وضع الأقنعة على الوجوه، في هذا العيد خجل يعتري الشخص
جراء ما اقترفه من ذنوب وآثام في العام المنصرم، ولذلك يخفي وجهه.
ومن بين ما يحرص عليه اليهود في هذه المناسبة تناول فطائر مثلثة الشكل يطلق عليها "أُذُن هامان" محشوة بالأفيون والمسكرات، ومن المعروف أن عيد البوريم هو العيد الوحيد المسموح فيه شرب الخمر حتى الثمالة.
المصادر:
العهد القديم، سفر إستير.
المراجع المستخدمة:
كتاب الفكر العقدي اليهودي موسوعة الجيب، لدكتور سامي
رحمه الله ص 253.
كتاب الأعياد اليهودي، لأستاذ عمرو زكريا
[1] توسفتا
الآرامية وتعني التذييل أو الزيادة أو الإضافة، والتوسفتا عمل تشريعي ملحق بالمشناه
ومكمل لها.
تعليقات
إرسال تعليق