دكتور سامي الأمام - رحمه الله –أعماله ومؤلفاته

إعداد وكتابة: 

منة الله عامر 

  

   دئب البروفسور سامي الإمام رحمه الله، منذ تكليفه بالعمل معيدًا بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر قسم اللغة العبرية عام 1978م، حتى تدرجه في الكادر الجامعي من معيد إلى رئيس قسم اللغة العبرية وآدابها على البحث والدفاع عن القضية الفلسطينية وإزالة الغبار عما يدور داخل الكيان الصهيوني ومعرفة النتاج العقلي الخاص بهم، فحمل على كاهله كباحث عربي في مجال الدراسات اليهودية والإسرائيلية أن يقوم بدور بنَاء نحو القضية الإسلامية والعربية بصفة عامة والقضية الفلسطينية بصفة خاصة، وأن يكشف الادعاءات الصهيونية وكذبها بشأن معتقداتنا ومقدستنا، وبَحر في أبحاثه ومؤلفاته في خبايا العهد القديم والمعتقدات اليهودية وقارنها بالديانات القديمة التي احتضنت اليهودية حتى تشكلت في طورها الأخير، كما إنه لم يغفل عن المشنا والتلمود، فعرض العديد من الأفكار الدينية التي سُردت بهم.



يُمكننا تقسم سيرته العلمية على النحو التالي:   

أولًا: الوظائف العلمية والإدارية:

-كُلف معيدًا عام 1978م وتدرج حتى أصبح أستاذًا في الدراسات اليهودية واللغة العبرية.

-أعير بين السنوات 1992 إلى 1997 للعمل أستاذًا مشاركًا في جامعة الملك سعود، بالمملكة العربية السعودية.

-رئيس قسم اللغة العبرية وآدابها في كلية اللغات والترجمة، جامعة الأزهر.

ثانيًا: الكتب والمؤلفات:

-هيكل أورشاليم بالمصادر اليهودية، وتفنيد للمزاعم الإسرائيلية بأن المسجد الأقصى بُنى على أنقاض الهيكل، دار الصفوة، 2018.

-الفكر العقدي اليهودي، موسوعة جيب ومختصر محتوى أجزاء المشنا الستة، جامعة الأزهر، 2015.

-بعض مشكلات الترجمة، دراسة تطبيقية من خلال ترجمة "قصة سفينة متسللين" (ספורה של ספינת מעפילים(، جامعة الأزهر.

ثالثًا: الأبحاث العلمية:

-التابوت وخيمة الاجتماع والهيكل في الديانة اليهودية. (رسالة الماجستير). 1985م.

-الطلاق في الشريعتين اليهودية والإسلامية. (رسالة الدكتوراه).

 

-التمائم في المعتقدات اليهودية.

-الموت ومصير الروح والدفن في اليهودية.

-يأجوج ومأجوج في اليهودية.

-الإسلام والمسلمون والعرب في كتب التاريخ المدرسية في إسرائيل.

-عقوبة الإعدام والموت في المصادر العبرية مقارنة بما لدى المصريين القدماء والبابليين.

-التوبة في اليهودية.

-الغنائم في اليهودية.

-الشاهد وشاهد الزور، دراسة مقارنة بين الشريعتين اليهودية والإسلامية.

-صور التوافق العقدي بين التوراة والقرآن.

-اليتيم والأرملة في العهد القديم والمشنا.

      تميز منهج دكتور سامي الإمام في دراسة العهد القديم، بالوصف والنقد، والالتزام بالموضوعية العلمية، والالتزام بالقضايا الدينية والقضايا القومية، ويمكننا تحديد ثلاث مسارات فكرية ساهم دكتور سامي رحمه الله بالبحث بهم وإبرازهم بشكل واضح؛ لكي يضيف إلى مجال دراسة العهد القديم والديانة اليهودية الكثير من الأبحاث المفيدة والثرية،  المسار الأول هو مدى تأثر العهد القديم بالحضارات القديمة التي عاشوا بينهم مثل: (العراق القديمة ومصر القديمة وكنعان)، والمسار الثان وهو مقارنة الأديان خاصة اليهودية بالإسلام، والمسار الثالث هو اهتمامه الشديد بالقضية الفلسطينية ودعمها الدائم ومحاولة دحض الادعاءات الصهيونية المستمرة، وسيهتم المقال أكثر بالأبحاث المتعلقة بالعهد القديم.

ومن هنا يمكننا تقسيم اهتماماته البحثية في العهد القديم على النحو التالي:

أولًا: الأفكار الدينية والشرائع في العهد القديم:

      دائمًا سعى دكتور سامي رحمه الله في البحث عن الجزء الغامض في العهد القديم، محاولًا إزالة الغبار عنه، والبحث في الأفكار التي قامت عليها العقيدة اليهودية وتشريعاتها لما كان له من أثر كبير في تفكير اليهود على مر العصور، وخاصة تلك الأفكار التي لم يلقي عليها أحد الضوء، فحاول جاهدًا أن يدرسها ويوضحها للباحثين، والمهتمين بالديانة اليهودية سواء المتخصصين منا وغير المتخصصين.

      أهتم دكتور سامي في بحثه "التمائم في العقيدة اليهودية" بالرموز والاشارات الكثيرة والأدوات التي ذُكرت في مصادر التشريع والتي يستخدمها اليهود حتى اليوم، أثناء الصلاة وتأدية الشعائر اليهودية وحراسة الأبواب ودفع الضر وأيضًا؛ لكي يحافظوا على مظهر اليهودي وخاصة المتشددين منهم.

    ومن أهم تلك الرموز "التفلين תפלין: وهى تميمة الصلاة، وهم صندوقين صغيرين بهما فقرات من التوراة" – "مزوزا – מזוזה: وهى تميمة الباب بها فقرات من التوراة" – "اللحاشيم – הלחשים: تميمة على شكل أفعى مصغرة" – "השהרונים – الأهلة: تميمة على شكل هلال صغير" – "طاليت – טלית: شال الصلاة وهو رداء خارجي له أهداب في زواياه الأربع، ظهر في عصر التلمود والمشنا وحتى يومنا هذا يتم ارتداءه أثناء الصلاة للرجال فقط" – "صيصيت – ציצית: الجدائل في شال الصلاة" – "זריקת דם – رش الدم: وهى عادة رش الدماء على المذبح" – "שמע ישראל:  صلاة التوحيد في المشنا"....[1].

     حيث ربط دكتور سامي مظاهر الاعتقاد في الرموز بما ورد في سفر التكوين (35: 4)، ""فَأَعْطَوْا يَعْقُوبَ كُلَّ الآلِهَةِ الْغَرِيبَةِ الَّتِي فِي أَيْدِيهِمْ وَالأَقْرَاطِ الَّتِي فِي آذَانِهِمْ، فَطَمَرَهَا يَعْقُوبُ تَحْتَ الْبُطْمَةِ الَّتِي عِنْدَ شَكِيمَ."، يبدو جليًا من الفقرة العلاقة بين أقراط آل يعقوب والآلهة الغريبة التي كانت بين أيديهم، على أن الأقراط كانت تعتبر تمائم وتعاويذ، فوضح لنا دكتور سامي في البحث مدى انتماء تلك الأفكار والرموز إلى السحر والشعوذة، وأصل انتمائها للعقيدة الدينية اليهودية، أم للمعتقدات الخرافية التي شاعت بين شعوب شرق الأدنى القديم وتأثر بها بني إسرائيل؛ حيث كانت سمة شعوب الشرق الأدنى هو انتشار تلك الأفكار والمعتقدات، فحين اعتبر المؤرخين العبريين تلك المعتقدات متنافرة مع عبادتهم الخالصة ليهوه، ويمكن القول أن أي زينة في ذلك الوقت كان لحماية جسد الأنثى، فليس ارتداء الزينة هو الخيلاء فقط، ولكن الأكثر من ذلك هو تأمين فتحات الجسد المختلفة ضد الأرواح الشريرة[2].

   ثم انتقل دكتور سامي ليُعرف معنى التميمة في الاصطلاح: "فهى شيء يعلق على الرقبة،  أو بأحد أعضاء الجسم أو يوضع بالقرب من الشخص، تنسب له خاصية جلب الحظ أو دفع الضر أو العلاج والتداوي أو اتقاء الحسد وتجنب الفقر وقضاء الدين، أو إتمام عملية الولادة بسلام، أو تأسيس الوفاق بين الزوجين أو اكتساب الصفات الحميدة كالكرم واللطف والكياسة أو سعة الصدر لتعلم أحكام الشريعة، وتكون عادة منقوش عليها فقرات من التوراة أو كتابات، وأسماء بعض الملائكة أو أسماء مقدسة وتختلف نصوص الكتابة على حسب الغرض من التميمة والتعويذة، وليس بالضرورة أن تكون هذه النصوص مفهومة أو ذات معنى، وقد تكون علامة بالجسم أو بالملبس أو بالبيت، وقد تكون التميمة وجبة غذائية؛ كالفطائر التي تصنع من دقيق القمح أو الشعير وترسم عليها كتابات وخطوط معينة على وجهها وتؤكل بنية الغرض منها.   كانت علامة رش الدم تأخذ حيزًا كبيرًا حتى قبل موسى -عليه السلام- فكان يرش الدم على الإنسان أو على الأشياء أو يوضع علامة منه على الجباه أو حتى عادة الختان التي يعتبرها البعض العلامات الرئيسية لممارسة استخدام التمائم والتعاويذ حتى من قبل موسى -عليه السلام-. [3]

    بعد ذلك فند دكتور سامي رحمه الله، التمائم التي تم ذكرها في طيات العهد القديم مفصلًا كلًا منها على حدي، وأهميتها وأشار أن بعض تلك التمائم نجدها في -إسرائيل- فمثلًا نجد الثعبان الملتف حول نفسه، فكانت التميمة قديمًا تستخدم في الاستشفاء وترجع إلى فترة التيه في سيناء، حيث صنع موسى -عليه السلام- حية نحاسية؛ لكي يشفي بها كل من لُدغ من حية في الصحراء.[4]

    ورغم تحريم الديانة اليهودية الاعتقاد في التمائم والتعاويذ، باعتبارها ضربًا من السحر الذي حُذر منه بني إسرائيل في التوراة وغيره من الكتب، إلا أن الاعتقاد بها انتشر انتشارًا واسعًا بين اليهود، وأرجع دكتور سامي ذلك؛ نتيجة لطبيعة الديانة الكهنوتية وحياة بني إسرائيل آنذاك بين شعوب كانت عقيدتها تعدد الآلهة، بينما كانوا هم أصحاب الديانة السماوية التوحيدية، ومن أهم الحقب التي أثرت في فكر بني إسرائيل، هي الحقبة المصرية القديمة حيث شاع انتشار السحر مع الدين، وتأثر بني إسرائيل تأثرًا كبيرًا بالمعتقدات المصرية سواء بالناحية الدينية أو الاجتماعية أو القانونية، وبما في ذلك الخرافات الدينية.

     والحقبة الثانية هي حياة بني إسرائيل في بابل، عندما تم نفيهم على يد نبوخذ نصر، فكانت الحياة اليومية التي يحياها البابليون تظللها دائمًا مخافة الشياطين، التي كانت تدخل الأجساد وكان من الضروري بعد ذلك طرد الشياطين، وكان يتولاه ذلك كاهن متخصص في ذلك عن طريق الرقى والتعاويذ. [5]

وقسم دكتور سامي التمائم إلى تمائم دينية: وهي التي أوصت الشريعة بوجوب التمسك بها والالتزام بها مثل: المزوزاه والتفلين والأهداب، والتي يرى المؤرخين أنها تعكس رغبة المشرع في الحفاظ على عناصر قديمة مع صبغها صبغة تتناغم مع العقيدة اليهودية. عدا ذلك عادة رش الدم، واستخدام دم الغرلة في أغراض سحرية كما فنده بشكل مفصل في الدراسة، والتمائم الشعبية: سواء التي ذُكر بعضها في العهد القديم، مثل: حية النحاس، التي صنعها موسى أو تلك التي انتشرت بينهم في عصور متأخرة لجلب الحظ أو تسديد الدين وغيرها من الأغراض[6].

      يظهر جليًا المسار الأول الذي أهتم به دكتور سامي الإمام رحمه الله، وهو مقارنة التشريعات اليهودية مع نظائرها في حضارات الشرق الأدنى القديم ومصر القديمة، في بحث "عقوبة الموت في اليهودية"؛ حيث قارن دكتور سامي رحمه الله، "عقوبة الموت التي شرعتها التوراة وما وجد من قوانين عند الشرق الأدنى ومصر، وفند بشكل مُفصل كل الجرائم التي وردت عند العبرانيين والتي وَجبت "الإعدام"؛ حيث قَسم الإعدام بطرق عدة، وهي: الرجم، والحرق، وحز الرأس، والخنق"[7].

 

      فند دكتور سامي الإمام الجرائم التي يُعاقب عليها بالرجم، ومنها على سبيل الحصر: مَنْ دخل بأمه أو امرأة أبيه، من وطئ كنته، مَنْ أتى ذكرًا، المجدف....[8]، وبعد ذلك فند الجرائم التي يعاقب عليها بالموت حرقًا، والجرائم التي يُعاقب عليها بحز الرأس، والجرائم التي يعاقب عليها بالموت خنقًا، وعقوبات خاصة بجرائم لا يمكن استخلاص حكمها شكليًا، يأخذ القضاء فيها مجراه دون اللجوء إلى هيئة المحكمة.....[9].

    ثم انتقل إلى مصر القديمة، حيث تناول في ذلك برديات مصرية قديمة مثل: بردية "أبوت" وهى بردية ذُكر بها عقوبات مثل: القتل عن طريق الوضع على الخازوق أو البتر (يقصد ببتر العضو الذكري – بتر الخصيتين أو بتر الأثنين معًا)، ويذكر في بردية المتحف البريطاني رقم (10053) أن الإلقاء في الماء كان من بين العقوبات التي يحكم بها على السارق في بعض الحالات، فورد في البردية، "أنتَ أيها الرجل الشيخ الفاني، ليت شيخوخته تكون تعسة، إذا قتلت وألقيت في الماء فمن الذي يبحث عنك...."[10].

    ذكر "كويفمان" في كتابه "תולדות האמונות הישראלית" إلى حكم معاقبة زوجة الكاهن التي زنت بعقوبة الاحراق فورد في بردية "وستكار וסטקר"، وربما قصد قصة "خوفو والسحرة" التي تتحدث عن بعض الأساطير القديمة. أما جريمة الزنى فعوقبت في مصر القديمة بالتشويه (جدع الأنف والآذن)، ولم يرد ذكر لجريمة الزنى المحارم، أو سفاح القربي، ويرجع السبب في ذلك أن الخوارج بين أقارب معنيين لم يُعد مخالفة في "مصر القديمة"، مثل:

-تزوج الملك "سنفرو" من ابنته الكبرى "نفرت كاو"، وأنجب منها الابن "نفرت ماعت"... وما ورد في التوراة مشابهة بذلك، فكان يجوز الزواج بالعمة وابنة الأخ، بل الأخت للأب، فقد تزوج "ناحور" "ملكة" ابنه أخيه "هاران"، وتزوج "عمرام" عمته "يوكابد" فولدت له هارون وموسى[11].

      ثم ما ورد في التشريعات البابلية، من عقوبات بالموت، مثل: الإعدام، والقذف في النهر، والحرق، والجلوس على الخازوق، قارن دكتور سامي بين تشريعات التوراة وتشريعات الملك البابلي "حمورابي" فظهر أن هناك تشابه كبير بينهم على عكس التشريعات المصرية القديمة، ويذكرها دكتور سامي رحمه الله، بدقة وتفصيل في بحثه[12]، واشتمل البحث أيضًا على أفكار هامة مثل: شروط تنفيذ العقوبة، وإجراءات تنفيذ عقوبة الموت، وماذا يصنع بجثة القتيل، ولماذا عقوبة الإعدام، كل تلك الأفكار فندها وأجاب عنها بمنهجه العلمي والموضوعي[13].

       اهتم دكتور سامي على وجه الخصوص بالمفاهيم اليهودية في العهد القديم وما ورد في المشنا والتلمود، فعرض لنا في بحثه الوصفي النقدي "التوبة في الديانة اليهودية"، وهذا البحث المميز كان نواه لباحثين كُثر لتوسع في أفكاره، فكان له أثر واضح في بحثي للرسالة الماجستير، فكان دكتور سامي الإمام رحمه الله، قدوة حسنة لنا؛ فعندما عَلِمَ بإنني سأتوسع في البحث عن مفهوم التوبة في العهد القديم، أرسل لي البحث ولم يتأخر على تقديم أي مساعدة لي ولكل مَنْ أحتاج مساعدة، رحمه الله.

     استخدم دكتور سامي المنهج الوصفي التاريخي في بحثه، فقسمه على عدة عناصر منها: موقع التوبة في نصوص التشريع اليهودي، والتوبة في اللغة والاصطلاح، وموجبات التوبة ووقت الاقبال على التوبة وقبولها، وموانع التوبة ومؤخرات التوبة، وذلك من خلال ما ورد في المشنا وما ذكره الحاخامات اليهود عنها، فالتوبة من التشريعات المهمة لجماعة بني إسرائيل لما تتصف به الجماعة من صفات خاصة؛ كما وصفها الرب في العهد القديم بالعناد والتصلب والابتعاد عن أوامر الرب ووصاياه، "شعب صلب الرقبة"، كثير ارتكاب المعاصي واقتراف الآثام وعبادة الأوثان، وذلك في جميع مراحل تاريخه بدءً من "العجل الذهبي"، في عصر موسى، وانتهاء بما أوجب عليهم الشتات في الأرض وهو عقاب على ما اقترفه تلك الجماعة من آثام[14].

      أكد من خلال البحث على عنصرية التشريع اليهودي، فهو يتيح التوبة لبني إسرائيل بينما بقية الشعوب ينظر إليهم كأعداء للإسرائيليين، ينتظر انتقام الرب منهم وطردهم من رحمته وهلاكهم[15]. وضع ابن فقودة سبعة شروط للتوبة، وهم: -أن يكون المخطئ عارفًا بما فعل من ذنب وخطيئة ومعصية، وعارفًا بسوء ما اقترفه، وأن ما فعله يستوجب العقوبة، وبأن ذنوبه مدونة في صحيفة أعماله، وأن التوبة تكون هي طريق الإصلاح والعودة إلى ساحة الرب، وأن مقدار الخسران جراء ارتكاب المعاصي ومقدار الجزاء عند التوبة، العزم على ترك المعاصي والابتعاد عن فعلها بوازع من القلب والضمير، وبذلك يتبين فعل التوبة يعم كيان الإنسان، الجسد والروح واللسان والعقل...[16].

     ينقلنا دكتور سامي الإمام -رحمه الله- معه في بحثه "الموت ومصير الروح" إلى عالم الأفكار اليهودية الغيبية وهو عالم غير واضح الملامح في أسفار العهد القديم، ولكن استطاع دكتور سامي أن يزيل من غموضه، ليتضح لنا جانب منه، فعرف لنا دكتور سامي الإمام -رحمه الله- مفهوم الحياة في العهد القديم، فالحياة به هي طولة الأيام، فنقرأ مثلًا:" فَأَسْلَمَ إِسْحَاقُ رُوحَهُ وَمَاتَ وَانْضَمَّ إِلَى قَوْمِهِ، شَيْخًا وَشَبْعَانَ أَيَّامًا. وَدَفَنَهُ عِيسُو وَيَعْقُوبُ ابْنَاهُ."[17] فالحياة تكتسب قيمتها مما يتركه المرء خلفه سواء "أولاد" أو تذكار، وفرق لنا بين الروح والنفس والنسمة...[18].

أما فكرة الموت "لأن أمواج الموت اكتنفتني سيهول الهلاك افزعتني، جبال الهاوية احاطت بي، شرك الموت اصابني"[19]، فنقرأ:" بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ"، فالموت هو نهاية طبيعية للحياة، وعبر العهد القديم عن "مغادرة الروح الجسد" باستخدام تعبيرات مثل: "انضم إلى قومه – اضطجع مع آبائه"، "فانضم إلى قومه احتمال كبير انها كانت ترمز بإنه سيدفن في مقبرة واحدة مع آبائه، مثل: ما ورد في سفر التكوين (47: 29 – 31)، " ثُمَّ اضْطَجَعَ آسَا مَعَ آبَائِهِ وَمَاتَ فِي السَّنَةِ الْحَادِيَةِ وَالأَرْبَعِينَ لِمُلْكِهِ" أخبار الأيام (16: 13)، كما إنه قارن فكرة الموت عند البابليين والكنعانيين  والمصريين القدماء وما ورد عنه في العهد القديم[20].

     ثم ينتقل بالبحث ليعرف لنا معنى كلمة "שאול" شيؤول[21]، وننتقل لتلمود لنرى إنه أقر بتناسخ الأرواح فأرواح اليهود المتوفيين تنتقل لأجساد الأطفال حديثي الولادة[22]، ناقش أيضًا دكتور سامي فكرة الرفع في اليهودية، وأحكام الغُسل والدفن والتكفين، وأزال الغبار عن الكثير من الأسئلة التي تشغل عقلنا.

      بحث دكتور سامي -رحمه الله- في العديد من الأفكار الأخروية، فبحثه "جوج وماجوج في العهد القديم"، فوردت أخبار عن "جوج وماجوج" في أماكن عدة من "العهد القديم"، وتختلط هذه الأخبار في تلك الأسفار بأخبار حرب "يوم الرب -هارمجدون" في آخر الأيام، ولكنه فصلها وأزال الغبار عنها.  

   لا يمكننا أن ننهى المحور الأول دون الإشارة إلى العمل الأكثر قيمة وهو "موسوعة الفكر العقدي اليهودي "موسوعة الجيب"، فهو عمل موسوعي بحق، بذل به دكتور سامي جهدًا جمًا ليخرج بهذا الشكل ويكون متاح للباحثين والقراء، تقع الموسوعة في 318 صفحة ملحق بأخر صفحاتها صور موضحة لبعض الرموز والأماكن المقدسة لدى اليهود، مُقسمة إلى جزئين، الجزء الأول وهو خاص بالعهد القديم مُقسم إلى خمسة عشر فصلًا، والجزء الثاني مخصص للمشنا مُقسم إلى ستة فصول، سنعرض بإيجاز أهم محتويات الموسوعة وما تناولته.

الفصل الأول تحت عنوان "إلاهيات"، عرض به أسماء الإله المذكورة في العهد القديم وتفسير كل اسم على حدى، والفصل الثاني تحت عنوان "عقديات" يناقش به أهم الأفكار العقدية التي وردت في العهد القديم، مثل: شجرة الحياة والمعرفة، عقيدة التوحيد، أركان العقيدة اليهودية، الطوفان، الخلاص، الأرض الموعودة، الحسد وعين الشر، والتهويد إلى جانب أفكار أخرى[23]، الفصل الثالث تحت عنوان "غيبيات" ناقش به كل الأفكار الغيبية مثل: الملائكة وعزازيل والجن والشياطين وتناسخ الأرواح والمعتقدات الخرافية، والقبالاه، أما الفصل الرابع تحت عنوان "مقدسات" تناول به كل المقدسات اليهودية التي ورد ذكرها بالعهد القديم مثل: ألواح العهد، تابوت العهد والمذبح والتمائم ...إلخ..[24].

أما الفصل الخامس تحت عنوان "القرابين" عرض به أفكار مثل: الختان، خبز الوجوه، الكفارة، القربان البشري... إلخ[25]، الفصل السادس تحت عنوان "عبادات" فتناول به أفكار مثل: الصوم والتوبة، الصلاة وذكرى الموتى وغيرهم من العبادات، يأتي الفصل السابع ليهتم بالكتابات، مثل: الصحف الخمسة والترجمة السبعينية وحكايات الفصح والأسطورة وغيرهم..[26]، أما الفصل الثامن تحت عنوان "إنسانيات" فاهتم بعدة أفكار مثل: المرأة في التشريعات اليهودية، التبني واليتيم والأرملة، الوصية والميراث، الغريب والزواج، والعديد من الأفكار، اهتم الفصل التاسع بالأخلاقيات فعرض أفكار مثل اللعنات الاثنا عشر، الغيبة والنميمة والاستمناء والخلاق وغيرهم، جاء الفصل العاشر ليناقش الوثنيات، فوضح فكرة العجل الذهبي وعبادة الأوثان، والترافيم والعرافات، وغيرهم، أما الفصل الحادي عشر "تشريعات" فند به كل التشريعات التي ورد ذكرها بالعهد القديم، مثل: الوصايا العشر والبقرة الحمراء والذبح والطهارة والنجاسة وغيرهم من التشريعات[27].

أما الفصل الثاني عشر تحت عنوان "عقوبات وجرائم" فَصل به كل الجرائم والعقوبات الخاصة بها، مثل: عقوبة الجلد، حز الرأس، وجريمة الرشوة وغيرهم، عرض بالفصل الثالث عشر الشخصيات المهمة في العهد القديم والتراث اليهودي، مثل: هارون والأسباط العشرة – الأسباط الضائعة، الحكماء وخدم الهيكل وغيرهم، ناقش في الفصل الرابع عشر "الأخرويات أو الإسكاتولوجي" فناقش به أفكار مثل: أخر الأيام، يوم الرب، هرمجدون، العالم الآتي، كوارث تسبق مجيء المشيح، اما الفصل الأخير بهذا الجزء الفصل الخامس عشر تحت عنوان "الأعياد و المناسبات" عرض به كل الأعياد اليهودية مثل: الفصح، عيد الظلل، عيد الحنوكاه، عيد رأس السنة وعيد الأسابيع وغيرهم من الأعياد[28].

الجزء الثاني من الموسوعة مخصص لأجزاء المشنا الستة وهم: "الزراعيم – الزروع"، "موعيد – الأعياد"، "ناشيم – نساء"، "نزيقين – الأضرار"، "قداشيم – المقدسات"، "طهروت – طهارة".

وبهذا يكون العمل الموسوعي الخاص بدكتور سامي الإمام رحمه الله، شمل أفكار بالعهد القديم والمشنا أيضًا.

 

ثانيًا: القضية الفلسطينية

        أخذ دكتور سامي -رحمه الله- على كاهله التصدي للادعاءات الصهيونية دائمًا وأبدًا    فكان من الطبيعي أن يخصص مؤلفًا كاملًا؛ ليناقش فيه المزاعم الإسرائيلية حول هيكل سليمان، تحت عنوان "هيكل أورشاليم كما جاء بالمصادر اليهودية وتفنيد المزاعم الإسرائيلية بأن المسجد الأقصى بًنى على أنقاض الهيكل"، يقع في 275 صفحة؛ فند بهم دكتور سامي الادعاءات اليهودية الإسرائيلية، بشكل علمي دون تحيز، وقسم بحثه إلى ستة عشر فصلًا.

    فناقش بالفصل الأول المقدسات التي بُنى من أجلها هيكل سليمان، وهو "تابوت العهد" فيتصور العبرانيون أن روح الرب تحل به، ثم الفصل الثاني هيكل سليمان، فتناول به ماهية الهيكل، الظروف التي أدت إلى بناءه، التقسيم الداخلي للهيكل وزخارفه، مقدسات هيكل سليمان، والصلاة وخدمة الهيكل، أما الفصل الثالث فناقش فترة الحكم الفارسي ثم اليوناني على فلسطين ووضع الهيكل في تلك الفترة، والفصل الرابع عرض الهيكل في التراث اليهودي وموقف اليهود من إعادة بناءه حديثًا وحائط المبكى، وناقش بذور الفكرة الصهيونية من منظور ديني، أما الفصل الخامس فخصصه لتفنيد المزاعم الإسرائيلية حول المسجد الأقصى، وهذا ما سنعرضه في الفقرات التالية، فتتضح لنا إسهاماته في دعم القضية الفلسطينية ونقد الادعاءات الصهيونية بأحقية اليهود بأرض فلسطين.

ذكر دكتور سامي في الفصل الخامس أن هناك دراسة للآثري الفرنسي "دي سولسي" في كتابه "تاريخ الفن اليهودي"، يشير فيها إلى أن مقاييس الحرم الإسلامي الشريف هى كالآتي:

 -الضلع الشرقي لسور الحرم، بطول (348م).

-الضلع الجنوبي، بطول (225 م).

-الضلع الغربي، ويمتد في خط مستقيم وبزاوية منفرجة، وبهذا يصبح الضلع الشمالي من السور أطول بكثير من الضلع الجنوبي، وعليه فإن مساحة الحرم الشريف أكبر من ضعف مساحة جبل الهيكل داخل أسوار سليمان أو نحميا أو هيرود، وكما أن الحرم الشريف مستطيل، يأخذ اتجاهه من الشمال إلى الجنوب في اتجاه قبلة مكة المكرمة، بينما يتجه هيكل سليمان من الغرب إلى الشرق.

     ومن ناحية أخرى؛ فإن أسوار مدينة القدس التاريخية الشهيرة، تجعل من هذه المدينة مدينة مربعة، طول كل ضلع منها حوالي كيلو متر تقريبًا، أي أن مساحتها كيلو مترًا مربعًا، أي مليون مترًا مربعًا، وتحتوي على أبواب وفي وسطها يوجد قبة الصخرة، ذات القبة الذهبية، والمسجد الأقصى، ذا القبة الفضية، ومسجد عمر، وتسمى منطقة المساجد هذه كلها؛ المسجد الأقصى أيضًا، وعلى بعد نص كيلو متر تقريبًا غرب هذه المسجد، توجد كنيسة القيامة التي يعتقد أن المسيح عليه السلام، رُفع إلى السماء في هذه البقعة.

وتعد هذه المنطقة بالفعل منطقة قبور، وإذا اكتشف بها قبور عديدة؛ تعتبر أكبر شاهد على أن ادعاء اليهود بأن أرض الحرم وأرض كنيسة القيامة تابعة لمدينة داود سليمان، -عليهما السلام- هو ادعاء باطل؛ ذلك لأن التشريعات اليهودية تُحرم دفن الموتى في المدينة المقدسة وحتى ملوك إسرائيل القدامى داود وأبشالوم وسليمان كلهم مدفونون خارج الأسوار.

     وفي مغارة المكفيلة، المكان الذي اشتراه إبراهيم من عفرون الجاتي، دُفن إبراهيم وسارة وإسحاق ورفقة، ويعقوب وليئة، وهذه المغارة تقع في الجهة الشرقية من مدينة الخليل، ولكن موقعها لم يحدد على وجه الدقة، وبالنسبة للهيكل؛ فلم يعثر علماء الآثار الإسرائيليين أو غيرهم، في حفرياتهم وكشوفاتهم اعتبارًا من القرن الثامن عشر 1850م، وحتى يومنا هذا، على حجر واحد يدلل على وجود هيكل، في أي زمن في منطقة الحرم القدسي الشريف، ومن هؤلاء العلماء: باركي، وورن، ودي فوجيية. إذ أن كل أولئك العلماء لم يعثروا على أي أثر أو أي نمط هندسي، في منطقة المسجد الأقصى، يتفق مع ما طرحته الروايات اليهودية المستوحاة من التوراة والمشنا والتلمود.

       يقول فيصل صالح خيري، رئيس إحياء التراث الفلسطيني: كل الشعوب والأمم التي كانت لها صلة بالقدس وما حولها، تركت آثار لها شاهدة على تلك الصلة، إلا اليهود، فلم يعثر لهم على أية آثار في القدس، العموريون، والكنعانيون(اليبوسييون)، والمصريون، الهكسوس، والبابليون، والآشوريون، والفرس، واليونان والرومانيون، كل هؤلاء تركوا في القدس وما حولها آثارًا تدل عليهم إلا اليهود، لم يستطع العثور على أي أثر يؤكد أطروحتهم في وجود أناس يسمون "إسرائيليين -عبرانيين"، وما وجد من آثار يهودية في أقدمها إلى القرن الثاني ق.م، وهى الفترة التي تكونت فيها الديانة اليهودية. كما عرض نص العهد العمرية والعهدة المحمدية التي نفي أي محاولة لهدم أي كنيس قديم كان مبني بدلًا من المسجد الأقصى[29].

        تنوعت اهتمامات دكتور سامي -رحمه الله - فأشار أن لفت انتباه كتاب مدرسي في -إسرائيل- يتناول الفتوحات الإسلامية والاستيلاء على الغنائم ومن هنا جاءت إلى ذهنه فكرة بحث يتناول موضوع "الغنائم في العهد القديم"، وموضوع الغنائم له تأثير قوي على الشخصية اليهودية بصفة عامة والإسرائيلية بصفة خاصة، عبر تاريخ من العنصرية والتعصب والتعالي والتميز والقسوة والعنف في معادة الآخرين حتى لو كانوا أطفالًا أو حيوانات بكماء، كالحكم بإعدام الثور الذي ينطح إنسان. فقام دكتور سامي الإمام بإحصاء نصوص العهد القديم التي تتحدث عن الغنائم وقسمها حسب طبيعة موضوعاها وبحث الألفاظ المختلفة التي تدل على معنى الغنيمة من الناحيتين اللغوية والاصطلاحية ثم تحليل النصوص ونقدها، واستخراج ما تهتم به الدراسة من جزيئات، فيعرض البحث جدول لحصر ألفاظ تدل على الغنيمة في العهد القديم، وتعريف الغنيمة في اللغة والاصطلاح، واستخدم في البحث المنهج الوصفي اللغوي النقدي[30].

      أحد أبرز الحكايات التي تناولت فكرة الغنائم، هي حملة أبرام لإنقاذ أخيه لوط من الأسر، واسترداد جميع الغنائم، ويطلق على حملة "أبرام" أحد الباحثين الإسرائيليين المعاصرين "موشى دروري"، وأن هذه هي أول حرب في تاريخ البشرية... وتعتبر المسافة التي قطعها أبرام في حربه لتخليص الأسرى واسترجاع الغنائم كبيرة جدًا، وهى المسافة بين بلوطات ممرا، في حبرون، بأرض يهوذا ودمشق الواقعة خارج الحدود، ويشبه الباحث عملية (عنتيبي) في أوغندا في العقود الخيرة من القرن الماضي؛ حيث أرسلت دولة الاحتلال قوة محمولة جوًا لتخليص بعض الرهائن الإسرائيليين، بمهمة "أبرام" ومن هنا يتخذ موقف أبرام نموذج يحتذى به في التعامل مع السرى الإسرائيليين حتى لو كانوا بعيدًا عن حدود الدولة، وهكذا تصبح التوراة المرجع والمنهج والمثال لكل التصرفات الإسرائيلية[31].

      يوضح دكتور سامي من خلال نصوص التوراة، أنواع الغنائم التي يستحوذ عليها بني إسرائيل، وهم ثلاثة: الأرض، البشر، الممتلكات، وأخذت فكرة الاستيلاء على الأرض حيز كبير، فيوضح دكتور سامي -رحمه الله- أن سفر يشوع قائم على فكرة "الحرب المقدسة" فغزو كنعان لم يكن غزوًا عاديًا بل غزوًا عقائديًا، لتحقيق الوعد الإلهي بالأرض، ولهذا نادرًا ما نرى هذا الغزو على إنه فعل إنساني فالرب الذي يحارب ويدمر الشعوب من أجل شعبه، وهكذا تكرر عبر السفر عبارات مثل: "دفعتم بيدكم فملكتم أرضهم وأهلكتهم من أمامكم..."، وأما في خبر سقوط أريحا يقول اللورد بو لينغبروك: "هل يعقل أن يكون إله أبًا للناس كلهم وفي نفس الوقت يقود ذلك البربري المتوحش ويرافقه؟ أن أكثر أكلي لحوم البشر دموية يخجل من أن يكون شبيه لابن نون! لقد أتى من عمق الصحراء ليبيد مدينة غربية ويقتل سكانها كلهم ويذبح حيواناتها، ثم يحرق منازلها بما فيها، بينما هو لا يملك سقفًا يأويه تحته، ولم يرحم سوى زانية خانت وطنها، واستحقت أن تذوق مر العذاب..."، ويوضح لنا الآراء المتعددة حول تلك الحكايات....[32].

        يستخدم دكتور سامي في نقده لفقرات العهد القديم، الاستشهاد بفقرات أخرى من العهد القديم، وهى احدى طرق نقد العهد القديم التي استخدمها "ابن حزم" في نقده للعهد القديم، واعتمدها من بعده باحثين كُثر، فينتقد دكتور سامي ما ورد في العهد القديم من استيلاء بني إسرائيل على كثير من أرض الممالك التي كانت حولهم من دون أن يُفقد فردًا واحدًا، فنقرأ: "ولم يفقد لهم شيء لا صغير ولا كبير"[33]، أما عند الحديث عن الخصوم، فيقال: "فلم يفلت منهم أحد كأنهم كانوا يحاربون قطيع من الأرانب"، إنها غطرسة والتعالي على البشر، بالرغم من أن الكنعانيين كانوا يملكون مركبات حديدية، وعلى صعيد أخر نجد فقرة في سفر يشوع تدحض تلك الفقرات: "لهذا عجز بني إسرائيل عن الثبات أمام أعدائهم، فولوا أمامهم الدبار"[34].

         أما بالنسبة لغنائم البشر، فوضعت التوراة تشريعات لكل من جنس وسن الأسرى، وأشارت إلى ضرورة قتل كل نفس حية لا فرق بين طفل وامرأة وشيخ ورجل، وذلك ينطبق على سكان الأرض التي وهبها الله لهم -كنعان-[35]، ويوضح لنا في البحث المزيد عن تشريعات الخاصة بالغنائم البشرية والممتلكات. ورغم أن الغنائم هي هبة ولكن في نفس الوقت تكون نقمة عليهم، فيفسر لنا في البحث كيف تكون نقمة، وكيف تقسم بينهم، ويربط دكتور سامي ما ورد في التوراة وما يحدث الآن في القدس من عنف وقتل وتدمير وقسوة وعنصرية، والتي أساسها نصوص العهد القديم.

ثالثًا: أبحاث مقارنة بين الديانة اليهودية والإسلامية

ونذكر هنا على نحو موجز، بحث الطلاق في الشريعتين الإسلامية واليهودية، فيقع البحث في 231 صفحة، وكانت رسالة الدكتوراة الخاصة بدكتور سامي الإمام رحمه الله، وقسمها إلى بابين الباب الأول خمسة فصول، والباب الثاني أربعة فصول، ناقش بهم أفكار مثل: الخلع، والطلاق المباح وغير المباح، مقارنة بين الشريعتين، أما وبحثه الشهود وشاهد الزور بين الشريعتين اليهودية والإسلامية، فيقع في 79 صفحة، مُقسم إلى خمسة فصول، ناقش بهم أركان الشهادة وشروطها، وعقوبة شاهد الزور، والمقارنة بين الشريعتين اليهودية والإسلامية، والعديد من الأفكار الأخرى.

 

 



[1] للمزيد يُنظر إلى: التمائم في اليهودية، سامي الإمام، جامعة الأزهر،ص: 4 – 5.

[2] المرجع السابق، ص: 6.

[3] المرجع السابق، ص: 6، 7.

[4] المرحع السابق، ص: 7، 8.

[5] المرجع السابق، ص 12: 15.

 

[6] المرجع السابق، ص 34.

[7] بحث "عقوبة الموت في اليهودية، جامعة الأزهر، ص: 3 – 4.

[8] المرجع السابق، ص: 6: 11.

[9] المرجع السابق، ص: 11: 14.

[10] المرجع السابق، ص: 15: 16.

[11] المرجع السابق، ص: 16.

[12] المرجع السابق، ص: 18.

[13]المرجع السابق: ص: 19 : 25.

[14] التوبة في اليهودية، جامعة الأزهر، ص: 3، 4.

[15] المرجع السابق، ص: 24.

[16] المرجع السابق، ص: 20.

[17] (تك 35: 29)

[18] الموت والدفن ومصير الروح في اليهودية، جامعة الزهر، ص:114.

[19] صموئيل الثاني، (26: 5 – 6).

[20] للمزيد ينظر إلى، الموت والدفن ومصير الروح، ص: 114 – 115..

[21] للمزيد ينظر إلى، المرجع السابق، ص: 118.

[22] المرجع السابق، ص: 121.

[23] للمزيد ينظر إلى، موسوعة الفكر العقدي اليهودي، سامي الإمام، جامعة الأزهر، ص: 15: 35.

[24] المرجع السابق، ص: 44: 57.

[25] للمزيد المرجع السابق، ص: 59: 71.

[26] للمزيد، المرجع السابق، ص: 93: 108.

[27] المرجع السابق، ص: 160: 188.

[28] المرجع السابق، ص: 243: 259.

[29] هيكل أورشاليم "كما جاء بالمصادر اليهودية وتفنيد للمزاعم الإسرائيلية بأن المسجد الأقصى بُنى على أنقاضه"، سامي الإمام، دار العالمية، مصر 2018، ص: 245: 265.

[30] الغنائم في العهد القديم، جامعة الأزهر، ص: 5

[31] المرجع السابق، ص: 10.

[32] للمزيد يُنظر إلى، المرجع السابق، ص:

[33] صموئيل الأول، (30: 19).

[34]  الغنائم في العهد القديم، جامعة الأزهر، ص: 23.

[35] المرجع السابق، ص: 29. 


رابط المدونة الخاصة بدكتور سامي الإمام، رحمه الله، 

https://samyalemam.blogspot.com/

لا تنسوه بصالح الدعاء، فكان نعم المدرس والموجه، طالما كان يشجعني ويحثني على المثابرة والاجتهاد، ولم يتأفف أبدًا من الرد على أسئلتي أو نصحني أو تشجيعي، هو بعد والدتي رحمها الله كان عون لي، حتى وفاته المنية، التي خسرنا بها المثير والكثير، اسأل الله أن يغفر له ويدخله الجنة مع النبيين والشهداء وأن يجعل ما تركه من علم في ميزان حسانته، اللهم أمين... ونسأل الله الإخلاص في العمل والقول والسداد والتوفيق. 

تعليقات

المشاركات الشائعة