القلادة العلاجية وطاقة الكون

 كتب: منة الله عامر  

           تحدثنا في المقال السابق عن الغنوصية وكيف تكونت وكيف تطورت في اليهودية لتصبح القبالاه وكيف انتقلت للإسلام على الشكل التصوف الإسلامي ومن مؤسسو الغنوصية وما هي فكرتها المركزية، ولكن تركنا السؤال في نهاية المقال، هل القلادة السحرية لها علاقة بالغنوصية أم لا؟  سنعرض معًا في المقال التالي بعض الأفكار التي يمكننا من خلالها فهم علاقة القلادة بالأفكار الدينية القديمة...



مفتاح الحياة (عنخ)

       مفتاح الحياة الأكثر شهرة من زخارف ورموز الحضارة المصرية القديمة، نلاحظ شكله المميز، فالدائرة العليا ترمز إلى الوعي الروحي (الوعي النوراني)، والخط الأفقي هو اندماج الوعي العقلي والعاطفي والتوازن بين النفس والروح، والعمود السفلي يرمز إلى العالم المادي أو الوعي المادي.

مفتاح الحياة

ثم نعود إلى صورة القلادة ونعرض معها صورتي مشهورتين أيضًا، صورة للعالم العبقري "ليوناردو دافنشي" ورسمة أخرى لعالم رياضيات أخر " فيتروفيوس "، ونلاحظ مدى التشابه بين الرسومات كلها؛ تطورت الرسمة من المصري القديم وحتى دافنشي؛ فكلها محاولات للربط بين الإنسان والكون وأبعاده، ثم القلادة التي استبدلت صورة الرجل لصورة ملاك باسطًا جناحيه.




رسمة دافنشي
رسمة فيتروفيوس


القلادة العلاجية!



شجرة الحياة (خت إن عنخ):

       توصل المصري القديم إلى كيفية (بشكلًا ما)، لا يمكن لأحد إثباتها بشكل صريح وموثق وعملي، "خت إن عنخ" حسب المراجع والكتب هي أول مدرسة روحية علاجية في العالم، والتي خرج منها كل أشكال الطرق الروحية والعلاجية الحديثة، والصوفية فيما بعد بكل مساميتها مثلما ذكرنا في المقال السابق.

شجرة الحياة، تربط بين العالم المادي والعالم النوراني


     من هذه الشجرة خرج العديد من الأفكار الروحية والعلاجية -كما يدعون- مثل: الغنوصية واليوجا والبرنا والشاكرا الهندية المأخوذة من الفكر المصري القديم، وهذه الفكرة تتلخص في التخلص من وطأة المشاكل المادية التي تحيط بالإنسان واستعادة الطاقة الخاصة به لاستكمال مسيرة الحياة بشكل صحي وبعيد عن الضغط، فهدفت هذه المدرسة إلى:

    طرق تحفيز النفس، امتلاك العزيمة الداخلية على الشفاء عن طريق اقتراحات سلوكيات وأفعال وطرق لرفع مستوى الوعي لدى الإنسان واكتشافه لإمكاناته الجسدية والروحية والعقلية.

أخذت هذه المدرسة الروحية تجسُد الإله "ماعت" أساس لهم، فتعتبر الإله "ماعت" إله الحب والحق والخير والجمال"، وبهذا فستمدهم بأساليب السلوك والتعامل الأخلاقي الراقي وطرق التعبير المختلفة عن العواطف والمشاعر الإنسانية وتحفيز مشاعر الحب...!

لماذا الماعت؟

الماعت هي الجسر الذي يصل بين الإنسان والكون والإله، ففقدان الماعت يجلب على الإنسان البؤس والشقاء والمرض والموت. (كما يعتقدون).

       فتكلم المصري القديم عن مسئولية الأجسام الطاقية في جذب طاقة الشفاء من الكون وإعادة التوازن لأي خلل حدث في إحدى مراكز الطاقة لدى الإنسان. (وتلك هي الفكرة الخاصة بالقلادة السحرية).

 

(طريقك إلى الحياة والحيوية والصحة وسعادة القلب)..

والجدير بالذكر أن شجرة الحياة تطورت في ثوب جديد في الفكر الهندي تحت اسم "الشاكرا" والتي تهدف إلى الوصول بالإنسان إلى درجة وعي تسمى بالسنسكريتية (أفاتار)، وفي الفكر الياباني تسمى (وعي بوذا)، ثم انتقلت في العقيدة اليهودية تحت اسم (القبالاه) لكي يصل الإنسان إلى الوعي (السليماني) نسبة إلى سيدنا سليمان (وامتلاكه القدرة على السيطرة على الجان والشياطين والسحر)، وانتقلت إلى المسيحية في شكل تعاليم المسيح للوصول إلى وعي المسيح، وأخيرًا التصوف الإسلامي للوصول إلى الوعي (المحمدي).

مراتب شجرة الحياة (في حياة المصري القديم)

1-الوعي المادي (الغرائز): وعى الإنسان بحاجاته من مأكل ومشرب والإحساس بالإمان.

2-الوعي العقلي والنطق (الحكمة): قدراته ومهاراته وإبداعاته العقلية وتأثيره على البيئة والكون من حوله.

3-الوعي العاطفي: مشاعر الحب والعطاء والسلام.

4-الوعي الروحي: وعي الإنسان عن رسالته في الحياة واتصاله الإلهي الأعلى.

شجرة الحياة آنذاك هي الطريق والغذاء النفسي والروحي لنمو الوعي الكامل للإنسان، وربما في مقال أخر نتكلم عن تلك المراحل بالتفصيل.

المراتب العشرة عند القبالاه وتسمى أيضًا بشجرة القبالاه

مراتب القبالاه


1- التاج، ويرمز للنور السرمدي أو النور الإلهي.

2-حكمة

3-فهم

4-رحمة

5-شدة

6-جمال

7-نصر

8- مجد

9-أساس

10- ملكوت  

 صورة للطاقة لدى الإنسان على هيئة مركبة، ودرجة وصلها بين السماء والأرض


ما هدف شجرة الحياة الأخير:

          أن يصبح الإنسان كائن نوراني، أن يتصل بمصدر الكون الخالق الأعلى، عن طريق المعرفة وفي حالة تنشيطه ومعرفة الإنسان الجيدة "آخو" هي الروح النقية المتصلة بالذات الإلهية، يستطيع وقتها ان ينتقل بين بُعدين مختلفين في آنٍ واحد. ويصبح الإنسان نترو أي قادر على اكتشاف الاسرار الإلهية.

         يمكننا الآن أن نربط فكرة القلادة العلاجية لأورا الإنسان -كما يدعون- بتلك الفكرة المصرية القديمة، ولكن دون الحاجة للمرور بمراحل التي تم ذكرها التي حددتها مدرسة شجرة الحياة، وأيضًا نستطيع أن نفهم شكل الملاك وأسماء الملائكة العبرية التي نُقشت على القلادة واسم الرب المخلص أيَضًا، وأيضًا استطعنا معرفة الصلة بين الفكرة المصرية والقبالاه وما هي إلا تطور للفكرة المصرية وأدركنا المراحل السبعة في القبالاه للتواصل مع الملكوت أو لتكون كائن نوراني. 


تعليقات

المشاركات الشائعة